2020/02/27
قفزة هائلة في قدرات الحوثيين العسكرية.. كيف تغير شكل الحرب باليمن؟

لا جدال في أن إعلان جماعة (الحوثي) إسقاط مقاتلة من طراز "تورنيدو" تابعة لسلاح الجو الملكي السعودي، الشهر الجاري، يعد إشارة ذات مغزى حول تطور القدرات العسكرية للجماعة التي تحكم سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء، منذ العام 2014.

ووفق المتحدث باسم القوات التابعة للحوثيين، العميد "يحيى سريع"، جرى إسقاط الطائرة الحربية بصاروخ أرض جو متطور مدعوم بتكنولوجيا حديثة.

وأعقب الإعلان الحوثي، اعتراف من قبل المتحدث باسم التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، "تركي المالكي"، بسقوط المقاتلة أثناء قيامها بـ"مهمة دعم" قرب وحدات الجيش اليمني.

  • قفزة نوعية

منذ بدء الصراع في اليمن، قبل أكثر من 5 سنوات، تنمو قدرات "الحوثي" بشكل متزايد ووتيرة متسارعة؛ الأمر الذي يدفع واقعيا نحو تحول الميليشيا اليمنية إلى جيش منظم يمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة.

ويعد إسقاط طائرة "توريندو" بريطانية الصنع تحلق على ارتفاعات تصل إلى 50 ألف قدم (15.2 كم)، تطورا نوعيا كبيرا في قدرات الحوثيين، لا يمكن تجاهل دلالاته، وتداعياته على مستقبل الصراع في اليمن، الذي يوشك أن يكمل عامه السادس على التوالي.

وتفيد تقارير غربية بأن الحوثيين حصلوا على مكونات صواريخ ومحركات وأجزاء من طائرات بدون طيار وعبوات ناسفة بحرية، سواء بدعم مباشر من إيران أو عبر وكلاء في السوق السوداء.

ويرصد موقع "سبيس وير" المتخصص بشؤون الأسلحة والنزاعات المسلحة حول العالم، هذا التطور، قائلا في تقرير نُشر العام الماضي، إن "الحوثيين انتقلوا من تطوير وإنتاج الصواريخ الباليستية إلى إنتاج الطائرات بدون طيار".

وشهدت ترسانة "الحوثي" من الطائرات المسيرة تطورا كميا وكيفيا، خاصة ما يتعلق بكمية المتفجرات التي تحملها والمسافات التي تقطعها، ودقة إصابة أهدافها، وقدرتها على ضرب أهداف مدنية وعسكرية في العمق السعودي، دون رصدها.

  • ترسانة ضخمة

يثير ذلك التطور تساؤلات عدة حول حجم الترسانة العسكرية للحوثيين، والجهات التي تزودهم بها، وهل هم بصدد امتلاك أسلحة أكثر تطورا، وتأثيرات ذلك على مستقبل الصراع في المنطقة.

ويعزو مراقبون تضخم الترسانة الحوثية إلى عمليات التهريب الواسعة للأسلحة، وهي مهمة تقوم بها شبكات دولية متخصصة مقابل المال، وهي أحد المصادر الهامة لتسليح الجماعة المدعومة من إيران.

ويمكن للحوثيين الحصول على صواريخ كورية أو روسية أو إيرانية الصنع عبر طرق التهريب التي يتقنها "الحرس الثوري".

ومن آن لآخر، تعلن قوات التحالف العربي عن توقيف سفن يشتبه بتهريبها أسلحة للحوثيين، لكن ذلك لم يحل دون وصول صواريخ أرض جو، ومكونات صواريخ متطورة للجماعة، التي كبدت السعودية خسائر بشرية وأضرار مادية فادحة.

ولا يمكن إغفال دور إيران في نقل تكنولوجيا تطوير الأسلحة إلى الحوثيين، وكذلك استخدام خبراء من "حزب الله" اللبناني لتنفيذ تلك المهمة.

وإضافة إلى استيلاء الحوثيين على الأسلحة التي كانت موجودة في مستودعات الجيش اليمني في 2014 بما فيها الصواريخ الباليستية، فإنهم نجحوا في إدخال تطويرات وتحديثات عليها بقدرات ذاتية.

وتمتلك منظومة التصنيع التابعة للحوثيين نحو 15 نموذجا من الصواريخ والطائرات المسيرة، منها صواريخ يبلغ مداها 1500 كم.

ويمتلك الحوثيون منظومات صاروخية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، مؤكدين قدرة تلك المنظومات على إسقاط عدد كبير من الطائرات الاستطلاعية المقاتلة والطائرات الحربية.

وبداية من صواريخ "زلزال" و"قاهر1" و"قاهر 2" و"بركان1" و"بركان 2" و"قدس" و"كروز"، وكذلك طائرات "قاصف" و"قاصف 2" و"صمود" و"شاهد"، وغيرها من الطائرات المسيرة، يملك الحوثيون أسلحة متطورة، إضافة إلى ترسانة كبيرة من الدبابات والمدرعات والمدفعيات الثقيلة والقذائف المضادة للدروع.

يعبر عن ذلك التطور، عضو مجلس الشورى اليمني "عصام شريم"، قائلا لـ"الجزيرة"، في وقت سابق: "لقد تحولوا من ميليشيات لا تمتلك أذرع جوية إلى جيش لديه سلاح دفاع جوي يسقط مقاتلة غربية".

ويتفق معه خبير شؤون الشرق الأوسط والأستاذ في جامعة "كينجز كوليدج" ببريطانيا، "أندرياس كريج"، مؤكدا على حدوث "زيادة هائلة في القدرة العسكرية للحوثيين خاصة في مجال الصواريخ الباليستية وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار".

  • تداعيات

يحمل هذا التطور النوعي في القدرات العسكرية للحوثيين عدة رسائل لأطراف الصراع. أولا، أن السعودية لم تعد تتمتع بالحرية الكاملة للتجول في سماء اليمن، وأن صواريخ الحوثيين أصبحت قادرة على الوصول لمقاتلاتها الغربية.

ثانيا، هذا التطور سيعزز من قدرات الحوثيين على إطالة أمد الحرب، وبالتالي استنزاف القوات السعودية المنهكة على مدار 6 سنوات دون تحقيق نصر واضح وحاسم.

ثالثا، تمنح القفزة النوعية في التسليح جماعة "الحوثي" موقفا أقوى على مائدة التفاوض، بعد أن باتت قادرة على الوصول بطائراتها المسيرة وصواريخها طويلة المدى إلى العمقين السعودي والإماراتي.

رابعا، وهو الأخطر، أن وتيرة الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة، والصواريخ المتطورة، التي وصلت إلى مدى أبعد وأصبحت أكثر دقة، تعني أن أهدافا حساسة أكثر أهمية صارت في متناول الحوثيين، كما حدث عند قصف منشآت "أرامكو" النفطية، وعدة مطارات سعودية العام الماضي.

  • رقم صعب

يمكن القول، دون مواربة، إن هجمات الحوثيين، تزداد خطرا، مع امتلاكهم القدرة ربما على استهداف منشآت نفطية في محافظتي جدة وينبع (غرب)، ومدن مثل الرياض (وسط)؛ ما يعرض موانئ ومنشآت عسكرية ومطارات عديدة لخطر الهجمات.

ويمكن اعتبار حجم التطور في القدرات العسكرية للحوثيين، وتضخم ترسانتهم العسكرية، رقما صعبا في معادلة الصراع، مع السعودية، أحد أكبر مشتري السلاح في العالم بفاتورة إنفاق بلغت نحو 65 مليار دولار في 2018.

وإلى الآن، لم ينجح التحالف العربي، في تدمير مخازن السلاح التي تملكها الجماعة، والمرجح أن تكون خارج المدن، وتحديدا في جبال مران في صعدة، معقل الحوثيين التاريخي شمال صنعاء.

وتزداد الصورة قتامة بالنسبة للتحالف، بالنظر إلى "معرض السلاح" الذي نظمته الجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء، يوليو/تموز الماضي، وخلاله رفع مسؤولون عسكريون الستار عن طائرات مسيرة وصواريخ تم تطويرها محليا.

ووفق بيانات رسمية صادرة عن التحالف العربي، في يونيو/حزيران الماضي، أطلق الحوثيون خلال الحرب 226 صاروخا باليستيا وأكثر من 700 ألف مقذوف رغم الحصار الدولي المفروض عليهم.

يبدو إذن أن التطور العسكري الحوثي يقلب موازين الصراع في اليمن. ورغم الفوارق العسكرية الهائلة بين قدرات الحوثيين وإمكانات التحالف السعودي الإماراتي المدعوم بالأسلحة الأمريكية، من الواضح أن الحوثيين اكتسبوا قدرات جديدة ومؤثرة في مجال الحرب الهجينة؛ بما يعني أن فاتورة خسائر السعودية في اليمن ستتضخم كلما استمرت الحرب لفترة أطول.

المصدر: الخليج الجديد 

تم طباعة هذه الخبر من موقع تعز أونلاين www.taizonline.com - رابط الخبر: http://taizonline.com/news26345.html