2019/04/18
أهم مظاهر "احتفالات الإيزيديين" بعيد رأس السنة الإيزيدية.. هكذا يحملن الحسناوات الشموع (صور وفيديو)

في يوم الأربعاء الأول من أبريل/نيسان الشرقي يحتفل الإيزيديون بعيد رأس السنة الإيزيدية، ويوافق هذا العام 17 أبريل/نيسان 2019. يطلق الإيزيديون على هذا اليوم اسم جرشما سري نيساني، كما يسميه البعض الأربعاء الأحمر أو جارشمبا سور.

ويحتفل به الإيزيديون في العراق، وسوريا، وتركيا، وإيران، وبعض مناطق أذربيجان، وأفغانستان، وبعض دول أوروبا.

الديانة الإيزيدية

نشأت الديانة الإيزيدية في بلاد ما بين النهرين قبل آلاف السنين، وتدرجت من عبادة الطبيعة إلى الوحدانية، وتختلف طقوسها عن الديانات السماوية، كما أن ليس لهم أنبياء لاعتقادهم في عدم وجود صلة بين الخالق والمخلوق.

يؤمن الإيزيديون بتناسخ الأرواح، فالروح عندهم لا تموت، ولكنها تنتقل عبر الأجيال.

وتشير بعض المخطوطات إلى أن الإيزيدية تعود إلى 3000 قبل الميلاد، وتعد امتداداً لأقدم ديانة كردية يطلق عليها اليزدانية، والتي كانت إحدى الديانات الكردية القديمة مع الزرادشتية، والكاليارسانية، والميترايية.

شهر أبريل يحظى بقدسية خاصة

يحظى شهر أبريل/نيسان بقدسية خاصة لدى الإيزيديين، فلا يقطعون الأشجار، ولا يحرثون الأرض، لأن هذا يشوِّه جمال الطبيعة التي يقدسونها.

اشعال الشموع في معبد لاليش في العراق احتفالا برأس السنة الإيزيدية

كما لا يتزوج الإيزيديون في أبريل/نيسان فيه لظنهم أن هذا سيجلب النحس إلى حياتهم، فنيسان عندهم هو عروس السنة التي لا تضاهيها العرائس؛ لذا لا يجوز وجود عرائس أخرى.

الأربعاء الأحمر.. دوافع سياسية أم بدء سريان الدم في جسد آدم؟

يقال إن تسمية رأس السنة الإيزيدية بالأربعاء الأحمر لها دوافع سياسية للتأثير على المجتمع الإيزيدي، ودفعه لخدمة اتجاهات معينة. فالأربعاء الأحمر هو ذكرى محاولة إبادة الإيزيديين التي أبيحت فيها إراقة الدماء، وقد استغل يوم الأربعاء لمعرفتهم أن الإيزيديين يقدسون هذا اليوم ولا يرفعون فيه سيفاً ولا يقاتلون.

احتفالات الاربعاء الأحمر – رأس النسة الإيزيدية 2019 – العراق

ويقول بعض الباحثين إن تسمية هذا اليوم بالأربعاء الأحمر تعود إلى زمن إمبراطورية ميديا، حينما وقعت معركة كبيرة حدثت في هذا اليوم، وأريقت فيها الكثير من الدماء، وانهزم فيها العدو، ونتيجة لذلك سادات البهجة والاحتفال، وأطلق عليه الأحمر بسبب كثرة الدماء.

بينما يدّعي آخرون أن أول قطرة دم حمراء ضُخت في أول كائن حي وهو البيضة لتبدأ خصوبتها في يوم الأربعاء، ومن قبل ذلك قالوا إنه ذكرى ضخ الرب للدم في جسم أول كائن حي وهو آدم، فاكتمل اللحم، وسرى الدم في جسده، وبدأت الحياة على الأرض.

معبد لالش خميرة الأرض

وحسب الميثولوجيا والمعتقدات الإيزيدية، يعود عمر الأرض إلى مليارات السنين، وبدأت الخليقة في الأربعاء الأول من أبريل/نيسان.

وكانت غير مستقرة حتى نزل عليها معبد لالش النوراني الذي يسمونه خميرة الكوكب (يقع في شمال الموصل بالعراق)، وبعدها تحولت الأرض إلى جليد واستقرت. بعد ذلك نزل طاووس ملك إلى لالش فاخضرت الأرض وكساها الربيع.

اشعال الشموع في معبد لاليش في العراق احتفالا برأس السنة الإيزيدية

ويُقال إن يوم نزول طاووس ملك كان يوافق يوم الأربعاء الأول من أبريل/نيسان، لذا يحتفل الإيزيديون كل عام بهذا اليوم المقدس باعتباره عيد طاووس ملك على الأرض.

ووفقاً لعقيدة الإيزيديين، فطاووس ملك هو رئيس الملائكة (عزازيل) وكلفه الله بمحاولة إقناع آدم للخروج من الجنة وإنزاله إلى الأرض للتكاثر وتعمير الأرض. كما يعتقدون أن طاووس ملك يحكم الأرض مع 7 ملائكة آخرين تخضع للإله.

أما عن رفضه السجود لآدم، فيعتقد الإيزيديون في أن طاووس ملك رفض السجود لآدم فعلاً، ولكن حينما سأله الله عن السبب قال إن الله أخبرهم من قبل بعدم السجود لغيره، وهنا أعلن الله للملائكة أن هذا كان اختباراً ونجح فيه طاووس ملك فقط، فأصبح مقرباً منه، ومنحه حكم الكون.

الاحتفال بعيد رأس السنة الإيزيدية يجمع أربع مناسبات

يحتفل الإيزيديون في الأربعاء الأول من أبريل/نيسان الشرقي بأربع مناسبات توافق حدوثها هذا اليوم، وهي انفجار الذرة البيضاء التي نشأ منها الكون، وغليان الأرض بعد انتهاء الجليد بهبوط طاووس ملك، وعيد الخليقة بضخ الدم في جسد آدم، وعيد الخصوبة وهي ذكرى خصوبة أول بيضة لإعادة تكوين كائن حي.

يبدأ التحضير للاحتفال بعيد رأس السنة الإيزيدية من يوم الثلاثاء

ففيه تقطف كل عائلة باقة من زهور شقائق النعمان لتعليقها على الأبواب في صباح الأربعاء مع القشور الملونة للبيض المسلوق، وهذا دليل قدوم الربيع وعيد رأس السنة الإيزيدية.

اشعال الشموع في معبد لاليش في العراق احتفالا برأس السنة الإيزيدية

مع غروب شمس الثلاثاء، يجتمع المجلس الروحاني، وخادمي معبد لالش، وتتم إضاءة 366 قنديلاً بعدد أيام السنة في ساحة سوق المعرفة علامة على بدء السنة الجديدة.

وفي المساء، يحضر الإيزيديون عجينة الساوك ويخبزونها ويوزعونها على الفقراء والجيران، والقبور. وفي ليلة العيد لا تُحلب الأغنام كي تشبع صغارها من حليبها، كي يبقى كل شيء سعيداً وجميلاً.

وفي صباح العيد، يعصر الإيزيديون الزيتون ليستخدموا زيته النقي في إشعال قناديل بعدد أيام السنة في معبد لالش.

في يوم الأربعاء، يرتدي الإيزيديون أجمل الملابس والزينة، ويزينون منازلهم بزهور شقائق النعمان، ويذبحون الأضحيات. كما تزور العائلات بعضها في يوم الأربعاء للتهنئة بقدوم العيد، كما يزورون القبور.

يلون الشباب والفتيات 12 بيضة مسلوقة ترمز لشهور السنة، والبيضة ترمز إلى الأرض، وسلقها يرمز إلى فترة تجمدها، وتلوينها يرمز إلى نهاية عصر الجليد.

تجمع في معبد لاليش في العراق احتفالا برأس السنة الإيزيدية

ويجتمع شباب وفتيات العائلات القريبة، ومع كل منهم عدد من البيض، ويضرب كل فرد بيضته في بيضة صديقه، فإذا كسرها فتصبح البيضة له، ويكون حظه سعيداً في العام الجديد.

الإبادة الجماعية للإيزيديين

تعرضت الأقلية الإيزيدية لحملات إبادة على مدى أكثر من 4 قرون، مما دفعهم للعيش في الكهوف الجبلية خاصة جبل سنجار. إلا أن ما تعرضوا له على مدى قرون، لا يعادل ما عانوه على أيدي تنظيم داعش الذي قتل الشباب، واغتصب النساء، وخطف الأطفال.

وقد أكد مسؤول معبد لالش لموقع sputniknews أن تنظيم داعش بعد مهاجمته الإيزيديين في أغسطس/آب 2014، قد خفض أعدادهم إما بقتلهم أو أَسْرهم، أو تهجيرهم. فحسبما ذكر فقد كانت العدد تقريباً 700 ألف نسمة قد إبادة داعش، إلا أنه يعتقد أن الأعداد قد اندثرت إلى 600 ألف بعد الإبادة.

ولكن لم تمنع تلك الحملات الإيزيديين من الاحتفالات بعيد رأس السنة الإيزيدية، ففي العام الماضي 2018، عادت أجواء الفرح والاحتفال إلى مجتمع الإيزيديين. فقد أشعلوا 365 شمعة في وادي لالش المقدس على أصوات الموسيقى احتفالاً ببداية العام الجديد ونهاية فصل الشتاء.

كما احتفلوا كذلك بالعيد في عام 2017، وحسبما قال الإعلامي الإيزيدي لموقع الحرة، إن هناك أكثر من 60 ألف إيزيدي قد زاروا معبد لالش في هذا الاحتفال؛ ليكون أكبر حضور يسجله التاريخ لهذا الاحتفال.

تم طباعة هذه الخبر من موقع تعز أونلاين www.taizonline.com - رابط الخبر: http://taizonline.com/news17612.html