برز مصطلح اليمين المتطرف وأصبح أكثر الكلمات تردداً في نشرات الأخبار والبرامج حول العالم في أعقاب مجزرة المسجدين في نيوزيلندا التي ارتكبها أسترالي يعتنق ذلك الفكر، فماذا يعني اليمين المتطرف؟ ومتى ظهر المصطلح ومَن أبرز رموزه؟ وهل هو حركة سياسية أم جماعة؟ وما هو مقره أو مقراته؟ هذه المادة تجيب على هذه الأسئلة وغيرها مما يدور في الأذهان حول اليمين المتطرف.
غالباً ما يتم وصف اليمين المتطرف على أنه حركة أو أيديولوجية، لكن التفسير الأقرب هو «كتلة سياسية» تسعى لتوحيد أنشطة حركات أو أيديولوجيات متطرفة ومختلفة، ومصطلح اليمين المتطرف يشير في غالبيته العظمى إلى القوميين من الجنس الأبيض الذين يؤمنون بتفوقه على غيره من الأجناس.
ليس صحيحاً، فالمصطلح عبارة عن مظلة يتجمع تحتها مجموعات متنوعة من الناس بعضهم ينخرط في أنشطة على الإنترنت تنشر نكاتاً وخطاباً يحض على الكراهية وينفث عن الغضب، بعضها الآخر شخصيات إعلامية وشخصيات مؤثرة يروجون لوجهات نظر عنصرية ومضادة للمرأة ومعادية لتعدد الثقافات. أما المعتقد الذي يشتركون فيه فهو العودة لزمن مضى لم يكن فيه تنوع وكانت ثقافة الرجل الأبيض وقوته وسيطرته هي الواقع التي لا يشكك فيه أحد.
ظهر المصطلح حديثاً وكان أول مَن صاغه واستخدمه هو الأمريكي ريتشارد سبنسر المولود عام 1978 والذي يعد من أبرز رموز هذا الفكر المتطرف والمتعصب لتفوق الجنس الأبيض الذي ينتمي إليه، ويستخدم سبنسر مصطلح اليمين المتطرف للإشارة إلى «هوية الجنس الأبيض وتفوقه».
ريتشارد سبنسر: أمريكي الجنسية هو أول مَن استخدم مصطلح اليمين المتطرف ليعبر عن تفوق الجنس الأبيض وهو رئيس معهد السياسة القومية، ويدعو إلى «التخلص السلمي» من كل الأعراق غير البيضاء في أمريكا، وإلى توحيد أوروبا كوطن للبيض فقط، يشبه نفسه بأدولف هتلر وتم تصويره أكثر من مرة وهو يستخدم التحية النازية ويلقي عبارات استعملها الزعيم النازي.
مايلو يانوبولوس: (مايلو أندرياس واجنر) بريطاني الجنسية من مواليد 1984 يعمل كاتباً ومحللاً سياسياً، وكان رئيساً لتحرير موقع برايبارت نيوز الأمريكي وهو موقع يميني تأسس عام 2007، وكان هذا الموقع سبب شهرته على نطاق واسع ليصبح من أبرز المؤثرين في الفكر اليميني المتطرف، معروف بآرائه المعادية للإسلام وللمرأة وللعدالة الاجتماعية. هو أيضاً ينادي بسيطرة الجنس الأبيض وتفوقه.
أندرو أنجلين: أميركي من مواليد 1984 مؤسس موقع ذا ديلي ستورمر اليميني المتطرف، يؤمن بتفوق الجنس الأبيض ويعتبر هتلر مثلا أعلى.
الجيل الأصغر أو الشباب هم الهدف الرئيسي للتيار من حيث التجنيد، فاليمين المتطرف يوجه خطابه مباشرة إليهم من خلال المنتديات والتيمات والفيديوهات عبر الإنترنت في حوار مباشر، على عكس قادة اليمين المتطرف في الماضي. فهؤلاء الشباب الذين يشعرون بالغضب والإحباط يمكنهم بسهولة التواصل من خلال هواتفهم مع مؤثرين من اليمين المتطرف ليسوا فقط شباباً مثلهم، ولكنهم أيضا عباقرة في التكنولوجيا ويفهمون ما يريده المراهقون.
رغم انتشار اليمين المتطرف حول العالم، فإن مركز الثقل الخاص به هو الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب موقع ذي أتلانتيك، فإن الولايات المتحدة غارقة في موجة من التطرف آتية من قمة الهرم من خلال السموم اللفظية التي يلقي بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يومياً من فوق أكبر منصة إعلامية في العالم وهي الرئاسة الأمريكية، وقد فتح استدعاء ترامب المستمر للعنف وشيطنته لمعارضيه السياسيين بوابات اندفع منها طوفان الكراهية بين مجتمعات يستعر فيها الغضب منذ فترات طويلة.
كلا، فعندما قام منتسبو حركة المتفوقين البيض باستخدام مصطلح اليمين المتطرف لاحظوا أنهم بحاجة أيضاً إلى تغيير «البراند» أو العلامة المميزة لهم من حيث الشكل، لذلك لم تعد الرؤوس الحليقة على الطريقة النازية مناسبة لتنفيذ أجندتهم المرغوب فيها، لذلك فقادتهم وتابعوهم يرتدون ملابس مثل باقي المجتمع وليست لهم هيئة محددة حتى يصبحوا أكثر قبولاً في الإعلام، بحسب موقع مجلة توليرانس.
الشبه أو الصلة بين الأمرين شكلية فقط وهي خادعة بشكل مقصود من جانب قادة اليمين المتطرف ومؤثريه، فهذه الحركة ما هي إلا إعادة تسويق لفكر الكراهية وتفوق الجنس الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية بنية نشره قدر المستطاع حول العالم. أما الأحزاب اليمينية فهي أحزاب سياسية تحمل أفكاراً رأسمالية وأجندتها السياسية تقليدية في مقابل الأحزاب اليسارية ذات التوجهات الاقتصادية الاشتراكية والأجندة السياسية المتحررة.