البنك المركزي عدن

انقسام البنك المركزي يعيق الجهود الحكومية لإنقاذ الريال (تحليل)

تسببت الحرب الدائرة في اليمن منذ ثلاث سنوات ونصف، في انقسام المصرف المركزي بين الحكومة التي تعمل من العاصمة المؤقتة عدن (جنوبي البلاد) وجماعة المتمردين الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء مما يهدد بفشل جهود إنقاذ العملة المحلية التي تواصل التهاوي المتسارع أمام الدولار.

 

ويشهد الريال اليمني انخفاضا حادا وسريعا في قيمته أمام الدولار، وهبطت أسعار العملة المحلية على نحو حاد مقابل العملات الأجنبية، منذ نهاية أغسطس الماضي، ووصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 630 ريالا يمنيا منذ منتصف الشهر الجاري، مقارنة بنحو 513 ريالا منتصف الشهر الذي يسبقه، وكان الدولار الأميركي مطلع العام 2015، يساوي 215 ريالا.

 

وبغرض كبح جماح الدولار وانقاذ الريال، أعلنت الحكومة الشرعية عن حزمة إجراءات اقتصادية بغرض إنقاذ العملة المحلية، منها رفع رواتب موظفي القطاع المدني للدولة بواقع 30% ابتداءً من سبتمبر الجاري، ورفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع إلى 27%، والربح على ودائع الوكالة إلى 23%، ورفع سعر الفائدة للسندات الحكومية إلى 17%.

 

وأعلن البنك المركزي من عدن في وقت سابق من سبتمبر الجاري، استئناف تمويل واردات السلع الأساسية بالاستفادة من وديعة سعودية، كما أعلن عن توفير الاعتمادات للبنوك بغرض توفير المبالغ التي تقل عن 200 ألف دولار لاستيراد السلع الأساسية.

 

ويرى خبراء مصرفيون، أن الإجراءات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة ضمن المعالجات لأزمة تراجع الريال، مهددة بالفشل نتيجة استمرار انقسام البنك المركزي، ويوكدون أن إنقاذ العملة المحلية مرهون بإنهاء الانقسام المصرفي وتوحيد البنك المركزي.

 

وقرر الرئيس اليمني في 18 سبتمبر2016، نقل المقر الرئيس للبنك المركزي وإدارة عملياته إلى العاصمة المؤقتة عدن، لكن الحوثيين احتفظوا بالبنك المركزي في صنعاء، كبنك موازٍ خاص بهم، ما تسبب في زيادة أضرار الاقتصاد الوطني، وحصول أزمات متلاحقة، منها أزمة الرواتب وتهاوي قيمة العملة اليمنية.

 

أحمد بن دغر رئيس الحكومة الشرعية، عبر اليوم السبت، عن مخاوفه من إقدام جماعة المتمردين الحوثيين على تعطيل اجراءات الحكومة الاقتصادية لمعالجة أزمة الريال، وطالب الالتزام بما اتخذته الحكومة من اجراءات.

 

وقال بن دغر، خلال فعالية اقتصادية عقدت في العاصمة المصرية القاهرة، «يجب أن يكون هناك مركز قرار مالي واحد لحماية اقتصاد البلاد، وحماية الريال، وإنني أحذرهم (يقصد الحوثيين) من أي ممارسات أو إجراءات مالية من شأنها تعطيل جهودنا نحو التعافي الاقتصادي والمالي، أو على الأقل جهودنا لوقف التدهور».

 

وتابع قائلاً «أن على الانقلابيين أن يدركوا أن لنا جميعاً في الريال اليمني شراكة، وأن التنافس أو محاولة إضعاف جهود الحكومة في شأن الريال جريمة كجريمتهم في الانقلاب على الشرعية، والدولة، والمجتمع، كونوا أيها الحوثيون ولو مرة واحدة يمنيين»، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).

 

وكانت وزارة التخطيط أكدت في تقرير صدر نهاية يوليو، أن انقسام المصرف المركزي تسبب في إرباك البنوك التجارية بتعليمات سلطتين نقديتين غير منسجمتين وغير فاعلتين، ونتج عنه تعذر استخدام أدوات السياسة النقدية الملائمة للتخفيف من أزمة سعر الصرف مثل سعر الفائدة ونسبة الاحتياطي القانوني.

 

أستاذ العلوم المصرفية في المعهد الوطني للعلوم الإدارية طارق عبد الرشيد أكد أن حل المشكلة لن يكون عبر توحيد عمل البنك المركزي بل في إخضاع بنك صنعاء كي يتصرف وفق مقتضى السياسة النقدية للبنك المركزي الشرعي.

 

وقال عبد الرشيد لـ «المصدر أونلاين»، إن «من شأن هكذا توجه توحيد الانقسام الحاصل في إدارة السياسة النقدية. لاسيما وأن البنك المركزي صنعاء لا يقوم بعمل ايجابي ضمن السياسة النقدية؛ لأنه لم يعد يسيطر على الأدوات المناسبة في الوقت الراهن للمشاركة الفاعلة، وعلى رأسها أداتي الاحتياطي من النقد الأجنبي وأمر طباعة العملة أو أدوات التأثير في كمية النقود المعروضة بأي اتجاه كان».

 

وأكد عبد الرشيد أن المأمول من بنك صنعاء فقط التصرف بإيجابية (بما لا يعيق اضعاف أداء السياسة النقدية للبنك المركزي الشرعي).

 

وأشار إلى أنه في حال عدم قيام بنك صنعاء بمثل هكذا تصرف مطلوب منه في هذه اللحظة، فإن ذلك سيمنح البنك المركزي عدن فرصة أمام الجهات الخارجية للتنصل عن مسؤولياته تجاه الدين العام الداخلي.