أرشيف

كيف يكبر الأطفال الذين لم يحصلوا على قدر كاف من الحب؟

شر موقع "شاغ كزداروفيو" الروسي تقريرا تحدث فيه عن مآل الأطفال الذين لا يحصلون على الحب والتعاطف اللازم من والديهم. وفي غالب الأحيان، يؤدي هذا الأمر إلى ظهور مشاكل عاطفية بالنسبة للطفل في المستقبل.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الحب هو الطاقة الحيوية التي تجعل العالم على ما هو عليه. وبالتالي، يحتاج الإنسان لأن يحظى بمشاعر الحب منذ ولادته. وفي حال عدم تمتع الطفل بما يكفي من الحب، قد يكون ذلك مصدرا أساسيا للعديد من المشاكل على مستوى سلوكه في المستقبل.

وأكد الموقع أن الإنسان عندما يولد، يكون في أمس الحاجة إلى الحماية والشعور بالأمان. وتنبثق هذه المشاعر بالأساس انطلاقا من الحب الذي تكنه الأم لطفلها. لكن، ولسوء الحظ، قد يضطر البعض من الأطفال لعيش تجارب قاسية تحرمهم من حب الأم أو كلا الوالدين، ما من شأنه أن يؤثر على الطفل على المدى الطويل. وتجدر الإشارة إلى أن التبعات السلبية للحرمان العاطفي تظهر عندما يكبر الطفل من خلال سلوكه وطرق تعامله مع الآخر.

وأفاد الموقع أن اللامبالاة وعدم الاكتراث بمعاناة الآخرين من التبعات الأبرز لعدم تمتع الطفل بالحب في مرحلة الطفولة. ومن الطبيعي أن يتحول الشخص الذي حرم من الرعاية والحب في السنوات الأولى من حياته أن يتحول إلى شخص غير مبال بآلام الآخرين. وغالبا ما يكون من الصعب بالنسبة لشخص لم يحصل على الحب في الطفولة أن يتعاطف مع الآخر أو يفهم ما يشعر به.

وأورد الموقع أن هذه الصفة من شأنها أن تؤثر على علاقات المرء مع الآخرين. فقد يواجه هؤلاء الأطفال غير المحبوبين العديد من المشاكل بسبب عدم اهتمامهم بالآخرين ولا مبالاتهم الشديدة بتجارب ومعاناة من حولهم، في سن البلوغ.

وأضاف الموقع أن الشخص الذي لم يحظى بالحب والرعاية الكافية في مرحلة الطفولة، عادة ما يجد صعوبة في التعبير عن مشاعره، في حين يعمد إلى كبتها بكل الوسائل الممكنة عندما يتقدم في العمر. وبناء على ذلك، يمكن القول إن عدم توفر الحب في مرحلة الطفولة يعد بداية لبروز سلسلة من المشاكل السلوكية والعاطفية في المستقبل.

وأحال الموقع إلى أن الشخص الذي تلقى قدرا محدودا من الحب والعطف من قبل والديه في مرحلة الطفولة، غالبا ما تتأثر علاقته بأطفاله في وقت لاحق. ومن المثير للاهتمام أن الحب في مرحلة الطفولة يعد بمثابة محرك لتعزيز وترسيخ جميع المشاعر على اختلافها، الأمر الذي يجعل الأشخاص أكثر ولاء لبعضهم البعض وأكثر صدقا. كما يساهم الحب في تحفيز قيم الإيثار لدى الشخص.

وأشار الموقع إلى أن حب الأم من المشاعر التي لا يمكن للطفل الاستغناء عنها، خاصة وأن هذه الأحاسيس تعمق الشعور بالسلام والأمن داخلة وتجعل الإنسان أكثر تصالحا مع المحيطين به في المستقبل. وفي ظل غياب هذه المشاعر خلال إحدى أهم مراحل حياة الإنسان، من المرجح أن يواجه المرء مصاعب نفسية واجتماعية عديدة.

وأورد الموقع أن أي تقصير يتعرض له الطفل على المستوى النفسي والعاطفي ينعكس بالضرورة في سلوكه كشخص بالغ. وعلى الأرجح أن الأشخاص الذين يكونون دائمي الشعور بالغضب والاستياء واللامبالاة بكل ما يدور من حولهم، قد عانوا حرمانا عاطفيا في فترة الطفولة.

وبين الموقع أن الطفل الذي لا يلقى اهتماما وقدرا من الحب في مرحلة الطفولة، قد يحاول تعويض ذلك دون وعي منه في مرحلة البلوغ. وعادة ما يؤثر ذلك سلبا على علاقاتهم العاطفية، كما يجعلهم أقل قدرة عن التعبير عن حبهم  ومشاعرهم تجاه من حولهم..

وشدد الموقع على أهمية إظهار الحب للطفل، لأسباب عديدة، أهمها أن التوازن النفسي والعاطفي الذي يتمتع به خلال السنوات الأولى من حياته، سيكون ركيزة لمستقبل مستقر. وفي حين قد لا يعي الطفل معنى الفراغ العاطفي، إلا أنه غالبا ما يشكو من ذلك ضمن عائلته. وقد يؤدي هذا الأمر إلى جعله أكثر عدوانية تجاه الآخر. والجدير بالذكر أن نشأة أجيال تعاني من الفراغ العاطفي من شأنها أن تهدد مستقبل المجتمع الإنساني، أي البشرية جمعاء.

وفي الختام، أفاد الموقع أن الحرمان من الحب في مرحلة الطفولة، له أضرار طويلة المدى بالنسبة للإنسان. ومن هذا المنطلق، من الممكن القول إن الحب الذي يتلقاه الطفل منذ لحظة ولادته يمثل السر وراء تطوير القدرات العاطفية والعقلية المستقبلية له. وبالتالي، في حال كنت لا تريد أن يواجه طفلك في وقت لاحق العديد من المصاعب العاطفية والنفسية والاجتماعية، ينبغي عليك منحه كل الحب الذي يستحقه، واحرص أن لا تخفي مشاعرك عنه.