مخيم الكدحة للنازحين

مخيم الكدحة للنازحين.. مفترق القسوة وحلم العودة والموت بصمت (تقرير مصور)

"هذا مطبخنا وليس فيه شيء".. عبارة قالها المسن محمد علي وهو يشير إلى أحد زوايا خيمته المهترئة ملخصاً بذلك مأساة أكثر من سبعمائة أسرة نازحة في مخيم الكدحة بمديرية المعافر جنوب غربي محافظة تعز.

تحاشا الرجل الستيني الكاميرا وانسحب ومعه دموعه وآلامه وحلم العودة الذي يراوده مفسحاً المجال لعدسة قناة "بلقيس" لترصد أبرز مظاهر المعاناة التي يعيشها هؤلاء في خيم مثقلة بالأسى و تتناثر فيها الأواني الفارغة المحاطة بالذباب.

 

حياة أكثر قسوة يعيشها هؤلاء منذ أن فروا من الحرب قبيل أربعة أعوام تقريباً، ليغرقوا في وحل العوز وشدة الحاجة للمأوى والغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب و الفراش والبطانيات في ظل غياب للخدمات الأساسية وندرة للمساعدات. 


يقيم المهجرون من مساكنهم في خيام مهترئة لا تقيهم لهيب الحر وقطرات المطر، وتحدق بهم الأمراض والأوبئة كما يفترسهم الجوع ليموتوا بصمت في منفاهم البعيد عن الحكومة الشرعية والمنظمات الإنسانية.


و تغرق 186 أسرة من منطقة البيرين و 290 أسرة من جبل زيد و 190 أسرة من الملكة و 94 أسرة من النقيع في بحر عذاباتها وأنينها.

 

تشرد وحرمان


وتبدو مظاهر التشرد والحرمان جلية على ملامح القاطنين في المخيم المعزول عن الإعلام وشبكات التواصل، ما يجعلهم أبعد عن التوعية إلى جانب مستلزمات الوقاية من الحميات الفيروسية و فيروس كورونا.


وتشير الناشطة الحقوقية وداد صالح، إلى غياب تام للخدمات والمساعدات، مضيفة: مطلوب من المنظمات نشر التوعية حول الأوبئة وخصوصاً كوفيد19 وأعراضه وسبل الوقاية منه.. ثم توقفت عن الحديث لعل الصمت أبلغ من الكلام حينما يتعلق الأمر بحال هؤلاء الذين تروي ملامحهم تفاصيل كثيرة للزائر دون الحاجة للسؤال.

وأنت تتجول في المكان لا تحتاج للكثير من الفراسة والذكاء وإمعان النظر في واقع نازحي الكدحة، الجميع هنا يخبرونك بصمتهم عما يكابدونه من غربة وعناء حتى الأطفال يجيدون الصمت عندما تتحدث ملامحهم.

 

وجع الطفولة


الطفولة في المخيم منهكة ومنسية وتئن من الأمراض والاوبئة و شدة الفاقة، ويكاد يكون الأطفال عنواناً بارزاً لسلسلة متواصلة من المعاناة المتفاقمة يوم بعد آخر.


إنهم حفاة وعراة وجوعى، يتجمعون حول أواني خالية ولا يجدون ما يسد رمقهم فيها فيلعقون الفراغ، وآخرون يحملون علب بلاستيكية فارغة يهيمون على وجوههم بحثاً وراء الماء.


ويختصر حقوقيون حالهم بالقول: محرومون من كل شيء ويحتاجون لكل شيء.

 

غياب تام


ويشكوا نازحو الكدحة من هول المأساة، وتتوالى استغاثاتهم وسط تجاهل تام لأناتهم من قبل الحكومة الشرعية والسلطات المحلية والمنظمات الإغاثية والتي تستكثر عليهم حتى الرد، وهو ما يؤكده النازح مصطفى خالد، نافياً تلقيهم أية مساعدات أو رعاية أو اهتمام من قبل تلك المنظمات والتي تواصلوا معها أكثر من مرة وأبلغوها بما يجري ولكن لا ضمير لمن تنادي.


وفيما تقض المخاوف مضاجع هؤلاء المذعورين من كورونا والمكتظين في خيم صغيرة، يبذلون قصارى جهدهم للوقاية منه.


ويستعرض النازح خالد محمد بعض الاجراءات الاحترازية والتي تعد متواضعة وغير كافية وتتمثل بنظافة المخيم والخيم باستخدام المكانس، فالنظافة والتعقيم ومتطلباتهما بعيدة المنال عن هؤلاء المنفيين قسراً.
ويدعو محمد إلى توفير مستلزمات النظافة والوقاية وتوزيع حقائب صحية وتأمين احتياجات هؤلاء.