اتفاق الرياض

هيكلة الشرعية وشرعنة الانفصال.. السعودية تفرض نسخة ثانية من اتفاق الرياض (تقرير)

لا تزال المفاوضات بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن والمدعوم من قبل السعودية والإمارات تراوح مكانها مع إحراز تقدم طفيف في عدد من الملفات في العاصمة السعودية الرياض، بحسب مصادر مطلعة.

 

ويبدو أن المفاوضات ستسفر عن نسخة ثانية من اتفاق الرياض إذ يسعى الانتقالي للحصول على نصف الوزارات في الحكومة القادمة ونصف الهيئات الدبلوماسية، في حين تصر الحكومة على عودة الأمور في أرخبيل سقطرى إلى ما قبل انقلاب الانتقالي الأخير.

 

وتسعى الرياض وأبو ظبي لفرض رئيس وزراء موال لهما لتضمنان بذلك تنفيذ الأجندات الخاصة بهما في اليمن، الأمر الذي أكده نائب رئيس مجلس الوزراء اليمني عبد العزيز جباري.

 

ويبدو أن المفاوضات الجارية ستسفر عن نسخة ثانية من اتفاق الرياض تشرعن لانقلاب المجلس الانتقالي وتفضي إلى تقسيم اليمن.

 

تقسيم اليمن

 

يؤكد كثير من المسؤولين والسياسيين اليمنيين أن أهداف التحالف العربي لم تعد تلك التي أعلن عنها مع بدء عاصفة الحزم، فقد تغيرت وانحرف التحالف عن مساره، وليس اتفاق الرياض الذي رعته الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المطالب بانفصال جنوب اليمن والمدعوم إماراتيا إلا ورقة يراد من خلالها تمرير أهداف التحالف السرية.

 

وزير الثفافة اليمني الأسبق خالد الرويشان قال -في مقال بصفحته على فيسبوك- إن الهدف من اتفاق الرياض ببساطة هو إضفاء الشرعية الدولية والعربية للمجلس الانتقالي الانفصالي بهدف تقسيم اليمن بتوافق الأمم المتحدة والجامعة العربية ودول مجلس الأمن الخمس دائمة العضوية.

 

وقال الرويشان إنه لم يتحقق بندٌ واحد من بنود الاتفاق حتى الآن، مؤكداً أن الاتفاق صب في صالح المجلس الانتقالي وأكسب عيدروس الزبيدي رئيس المجلس مقابلات مع سفراء العالم في قلب الرياض.

 

واختتم الرويشان منشوره بالتأكيد أن الهدف من اتفاق الرياض هو إضفاء الشرعية الدولية لخطة تقسيم اليمن.

 

ويرى مراقبون أن دعوة السعودية الأخيرة للمفاوضات لن تفضي إلى تنفيذ اتفاق الرياض، ذلك أن المملكة لا تريد تطبيق الاتفاق، ولذا فهي لم تمارس أي ضغوط تذكر على الانتقالي لوقف خروقاته المتكررة للاتفاق منذ توقيعه في نوفمبر 2019.

 

ودعمت السعودية انقلاب الانتقالي في سقطرى وفق مسؤوليين في الحكومة أبرزهم محافظ سقطرى رمزي محروس، وتقوم حاليا بالضغط على السلطة الشرعية للقبول بمطالب الانتقالي التي ستؤسس لمرحلة جديدة تبدأ بالتقسيم الفعلي للبلاد وإنهاء ما تبقى من حضور رمزي وسيطرة للحكومة الشرعية.

 

ابتزاز سياسي

 

الكاتب الصحفي عبد العزيز المجيدي قال إن اتفاق الرياض لن يعيد السلطة الشرعية إلى عدن، مؤكدًا أن السعودية هي من رعت انقلاب أغسطس في عدن في حين كان يمكنها إيقافه.

 

وقال في تصريحات لـ"الموقع بوست" إن الانقلاب ليس طارئاً فقد كانت المحاولة الأولى له في 28 يناير 2018، قبل أن توقفها السعودية عند أبواب قصر معاشيق لاعتبارات تخدم الخطة.

 

وبحسب المجيدي فإن الأمر يبدو كما لو أن التحالف يبتز الشرعية ويستغل ضعفها وفسادها وارتهانها التام للسعودية.

 

وأكد المجيدي أن التحالف السعودي الإماراتي يريد فرض أجندة محددة في اليمن وانتزاع بعض المصالح على طريقة القراصنة وليس كما تقوم عليها العلاقات بين الدول التي تذهب باتجاه عقد شراكات وإبرام اتفاقات بهدف تحقيق المصالح المشتركة.

 

هيكلة الشرعية

 

من جانبه يقول الكاتب الصحفي محسن لشرف إن اتفاق الرياض صيغت بنوده بالطريقة التي تتيح له إعادة هيكلة صف الشرعية.

 

وأكد لشرف في حديث لـ"الموقع بوست" أن التحالف العربي في الوقت الراهن يضغط من أجل تنفيذ اتفاق الرياض بالطريقة التي يريدها لإيجاد شرعية جديدة لا تضم من وصفها برموز القوة التي هتفت ضد التحالف حين انحرف عن أهدافه، هذا من ناحية، ويسعى التحالف من ناحية أخرى إلى احتواء فصيل الانتقالي المعتدل للخروج بتشكيل حكومة شرعية كما يريدها التحالف.

 

ودلل على صحة الأمر بأن التحالف يصر على بقاء رئيس الوزراء معين عبد الملك على رأس الحكومة الجديدة من أجل تحقيق أهدافه بتشكيل حكومة تخضع له كليا وإضعاف حضور بعض الأحزاب اليمنية المؤثرة، واستبعاد مكونات ذات طابع انفصالي.

 

ولمواجهة ذلك قال لشرف أن بإمكان الشرعية أن تحافظ على اعتبارها من خلال التعامل بحذر وحنكة ودهاء سياسي مع بنود الاتفاق بعيدا عن الضغوط والإملاءات.