قوات عسكرية إماراتية

قاعدة عسكرية إماراتية بجزيرة سقطرى.. هل اكتملت أركان احتلال التحالف لليمن؟

وكأنها تسابق الزمن لتثبيت مواقعها، تسارع الإمارات في إنشاء قاعدة عسكرية بجزيرة سقطرى، عقب سيطرة مليشيات تابعة لها على الجزيرة في التاسع عشر من يونيو الماضي.


يرى مراقبون أن مساعي أبوظبي لإنشاء قاعدة عسكرية يأتي انسجاما مع استراتيجية النظام الإماراتي لخنق طرق التجارة البحرية في المنطقة، غير أن أهداف الإمارات لا تقتصر على المصالح التجارية، فهذه القاعدة تشكل قفزة عسكرية لأبوظبي ستتحول اليمن بموجبها إلى مجرد رقعة مكشوفة أمام السلاح الإماراتي، بعيدا حتى عن أهداف ومصالح حليفتها السعودية، كما يرى البعض.


يشكل بناء القاعدة العسكرية نقطة فارقة في علاقة الإمارات الخشنة مع اليمنيين، وقد بات الجميع، حكومة وجيشا وخصوما، أهدافا سهلة لسلاح الجو الإماراتي وطائراتها المسيرة، كما سبق لها وفعلت.

تطويق اليمن


أبوظبي التي عكفت منذ تدخلها في اليمن في إطار التحالف على إنشاء مليشيات خارج إطار الشرعية، يبدو أنها تستكمل القوس الإماراتي الذي يطوق اليمن بحرا من سقطرى في المحيط الهندي، مرورا بخليج عدن وباب المندب وجزيرة ميون، وصولا إلى ميناء المخا في البحر الأحمر عبر قواتها، أو عبر القوات المنفلتة المدعومة من أبوظبي.


غياب الموقف الرسمي للشرعية من هذه التطورات بعد الانقلاب يبدو أكثر غرابة من أطماع الإمارات وفوضاها في اليمن، ويكشف عن مدى غياب السلطات الرسمية في الرياض عن ما تشهده البلاد.


ليس جديدا


وفي السياق، قال مدير مركز باب المندب للدراسات الإقليمية، نبيل البكيري، إن شروع دولة الإمارات في بناء قاعدة عسكرية في محافظة سقطرى أمرٌ ليس جديدا بالنسبة لها سوى خروجه من السر إلى العلن؛ كون الإمارات لها تواجد وأعمال في الجزيرة منذ سنوات سابقة.


وأضاف البكيري، خلال حديثه لبرنامج "المساء اليمني" على قناة "بلقيس" مساء أمس، أن الإمارات وكيل حصري لقوى دولية وإقليمية كبيرة، وهذه الدول ترى في الوفرة المالية لدى الإمارات عاملا مساعدا في استقرار نفوذ هذه القوى الدولية والإقليمية.


موضحا في الوقت ذاته أن الإمارات اليوم في أضعف حالاتها، ولا يمكن أن تتوافق جغرافيتها أو سكانها وكذلك قدراتها العسكرية لكي تلعب دورا إقليميا مهما، وما نراه اليوم هو شكل كاريكاتوري فقط لن يصمد طويلا.


لافتا إلى أن سقوط سقطرى بهذه المسرحية الهزلية، وقبلها عدن بيد هذه القوى يعد "وضعا شاذا لا يبنى على شيء قانوني أو دستوري، ولا يمكن استمراره؛ لأنه خارج إطار القانون الدولي، وكذلك الدستور والقانون اليمني".


وأشار إلى أن الخطر يكمن في تحلل بنية الدولة وتلاشي مفهوم السيادة، وعدم وجود من يرفض هذا الوضع الشاذ والممارسات السلبية للإمارات.


ونوه البكيري الى تحمل الشرعية مسؤولية ما يحدث؛ كونها قبلت بهذا الوضع الشاذ واستمرأت هذا الوضع الذي أدى إلى سقوط العاصمة المؤقتة عدن.

 

احتلال مكتمل


وحول حديث البعض عن أن دور الإمارات في سقطرى يأتي في إطار الاستثمار، أوضح البكيري أن ما تقوم به الإمارات يعدا احتلالا، ولا علاقة له بشيء من الاستثمار؛ كونه أتى في إطار الانتهاك لسيادة البلد والتعدي على الدستور اليمني الذي لا يبيح الدخول للبلد إلا عبر الأطر القانونية والاتفاق مع الجهات الرسمية.


مردفا القول إن ممارسات الإمارات منذ بداية تدخل التحالف كانت مخالفة للمتفق عليه، بل مخالفة للمعلوم بالضرورة؛ كون الشرعية لم تطلب الإمارات للتدخل، ولا يوجد بين الشرعية والإمارات أي اتفاق.


البكيري استنكر صمت الشرعية إزاء ما تقوم به الإمارات من ممارسات سلبية في البلد، محملا في الوقت ذاته الشرعية مسؤولية العبث الذي تقوم به أبوظبي في المحافظات اليمنية.


البكيري أيضا لم يغفل تجاهل السعودية لما تقوم به حليفتها الإمارات في اليمن، موضحا أن الرياض تمثل الغطاء القانوني لأبوظبي ولوجودها في البلاد، وهي التي دعتها للدخول في التحالف معها لدعم الشرعية.

مخطط قديم


من جهته، شيخ مشايخ سقطرى، عيسى بن ياقوت، أوضح أن هناك موقعا استراتيجيا تم تدشينه من قبل الإماراتيين في سقطرى، وأنهم سبق وطالبوا سكان الجزيرة قبل أكثر من عامين بإعطائهم الموقع، كما أنهم بذلوا إغراءات لأبناء المنطقة "رأس قطينن"، ولكن السلطة رفصت حينها.


ولفت إلى أن هناك مخططا قديما للسعودية والإمارات منذ بداية عاصفة الحزم لبناء قاعدة عسكرية في الجزيرة، واليوم يتم تدشينها بشكل رسمي. 


وأوضح أن القاعدة العسكرية التي بدأت الإمارات إنشاءها تستهدف الجزيرة اقتصاديا وسياحيا وجغرافيا، مضيفا أن الإمارات تريد تحويل الجزيرة إلى إمارة تابعة لها.


بن ياقوت أبدى تأسفه لما يجري في سقطرى وما تقوم به الإمارات في الجزيرة تحت صمت ودعم وإشراف السعودية.


وفيما يتعلق بموقف أبناء سقطرى مما يجري، قال بن ياقوت إن "الأحرار من أبناء سقطرى يرفضون الاحتلال للجزيرة من قبل السعودية والإمارات، ولن يقبلوا بذلك".


وعن رسالة أبناء سقطرى للشرعية، قال بن ياقوت إن السقطريين لا يريدون البيانات الركيكة التي لا تلبي متطلبات وطموح أبناء الجزيرة خاصة واليمن عامة.