جماجم

من هو ”جماجم” .. وما مصيره في سجون المجلس الانتقالي بعدن؟

تضاربت الأنباء عن مصير الناشط الجنوبي عبدالفتاح الربيعي، المعروف باسم “جماجم”، بعد اعتقاله من قبل أجهزة الأمن التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة عدن، إثر انتقاده ومعارضته لسياستهم.

وتحدث ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، عن وفاة “جماجم” داخل سجون “الانتقالي”، نتيجة تعرضه للتعذيب بعد أسبوعين من اعتقاله من داخل منزله في كريتر شمالي غرب مدينة عدن.

منذ ذلك الحين، تحول “جماجم” إلى أيقونة للمناضل الجنوبي المناهض لسياسة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً، حيث شهدت منطقة كريتر  تظاهرة شعبية تطالب بسرعة الإفراج عنه، لكنها انتهت بوعود قيادات في المجلس الانتقالي بالإفراج عنه، دون أن يتم ذلك لاحقاً.

هاجم من خلال تلك المقاطع الساخرة، أعمال الأجهزة الأمنية التابعة للمجلس، مثل الحزام الأمني وجهاز مكافحة الإرهاب وإدارة الأمن بعدن.

ونشر “جماجم” على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تنتقد سياسات المجلس الانتقالي وقياداته.

وهاجم من خلال تلك المقاطع الساخرة، أعمال الأجهزة الأمنية التابعة للمجلس، مثل الحزام الأمني وجهاز مكافحة الإرهاب وإدارة الأمن بعدن.

من هو “جماجم”؟

تردد اسم “جماجم” الذي ولد في ثمانينيات القرن الماضي في مديرية كريتر بعدن، مع بداية الحراك الجنوبي في اليمن ‏عام 2007. وخلال سنوات الحراك الممتدة منذ ذلك الحين، سجن 7 مرات، تعرض خلالها لأقسى أنواع ‏التعذيب من قبل الأجهزة الأمنية في نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ بسبب نشاطه الحقوقي والسياسي من أجل القضية الجنوبية.

عبد الفتاح جماجم

واستمر في نضاله وعلاقاته المتوازنة مع مختلف أطياف الحراك الجنوبي، حتى بداية ثورات الربيع العربي الشبابية مطلع العام 2011.

وقاد، مع شباب آخرين، ساحات الثورة الشبابية في مناطق متفرقة بمدينة عدن، قبل أن يتعرض هو والعديد من الناشطين الثوريين والحراكيين، أبرزهم أحمد الإدريسي، للضرب والمطاردة والاعتقال.

وفي 2015، انضم جماجم للمقاومة الجنوبية التي واجهت اجتياح جماعة الحوثي لمدينة عدن، عام 2015.

“كنت في إيران”

بعد توقيع المبادرة الخليجية في 2011، التي تم بموجبها تسليم السلطة للرئيس عبد ربه منصور هادي، سافر “جماجم” إلى إيران، برفقة عدد من الشباب اليمني، وفق ما أكده في مقال له بعنوان “كنت في إيران”.

وتحدث في المقال عن طريقة وصوله إلى إيران عبر العاصمة السورية دمشق، واستقبالهم هناك من قبل مسؤولين عراقيين، لتسهيل دخولهم إلى إيران، عبر الأراضي العراقية، لاحقاً.

وبحسب ما كتبه “جماجم”، فإن موافقته على السفر إلى إيران، كانت بهدف معرفته ما الذي يريده الإيرانيون من الجنوب واليمن عموماً، وفضح سياساتهم لاحقا. وهو ما كان، إذ عمل بعد عودته إلى عدن، بفضح مشاريع الإيرانيين، والكشف عن المؤتمرات التي عقدها مع الشباب اليمني والجنوبي، واستعداد إيران دعم القضية الجنوبية بشرط التنسيق والعمل مع الحوثيين في الشمال، بحسب ما ذكره في مقاله، كاشفاً عن وجود معسكرات تدريبية للشباب في محافظات جنوبية، بدعم إيراني، وتنسيق مع جماعة الحوثي.

وأوضح جماجم أن إيران تستقطب شباباً في دورات إعلامية وسياسية في لبنان، ودعماً منظماً، لكنه هذا الدعم لم يقدم شيئاً للقضية الجنوبية.

ويقول عمار، إن قريبه “جماجم”، كان متمسكاً بالقضية الجنوبية، ولم يكن مستعداً للارتهان للإيرانيين.

وأشار عمار إلى نقاشاتٍ سابقة دارت بينهم أكد فيها أن القضية الجنوبية تحتاج إلى دعم دولي، لكن ليس من الإيرانيين، ويمكن الحصول على هذا الدعم من جيراننا الخليجيين، وأن أي تعامل مع إيران سيضر بالقضية الجنوبية.

وكان “جماجم” يردد أن إيران لا تدعم الجنوب من أجل استعادة دولته، بل من أجل أن يظل الحوثي وصياً على الجنوب والشمال، وفق حديث عمار.

خلال تلك الفترة الممتدة من عام 2012، حتى 2015، ظل “جماجم” ينشط إعلامياً عبر منتديات شبابية جنوبية ومواقع إخبارية لأصدقائه من رفاق دربه النضالي.

وكان نشاطه الإعلامي مركزاً على دعوة السياسيين إلى ضرورة صياغة مشروع استقلال الجنوب، محذراً في الوقت ذاته من الدور الإيراني المشبوه في اختراق القضية الجنوبية، وفضح كل من تعاون معهم من الجنوبيين أو قيادات الأحزاب اليمنية.

وانتقد “جماجم” سياسة حكومة الوفاق، والقمع الذي تقوم به الأجهزة الأمنية، وبخاصة قوات الأمن المركزي، بحق المتظاهرين السلميين في عدن، ومناصري مطالب الحراك الجنوبي.

وفي 8 أبريل 2014، تعرض “جماجم” للاختطاف من قبل مسلحين مجهولين، يُعتقد انتماؤهم لقوات الأمن، غير أنه ما لبث أن تم الإفراج عنه، وتحدث عن أن أسباب اختطافه جاءت على خلفية نشاطه الحراكي نصرةً للقضية الجنوبية.

“منذ اللحظة الأولى لحرب 2015، ومحاولة الحوثيين السيطرة على الجنوب، انتظم “جماجم” في تشكيلات المقاومة الجنوبية، في مدينته كريتر؛ للدفاع عن عدن وحث الشباب في الدفاع عن مدينتهم ومواجهة جماعة الحوثي”.

واستمر على هذا النشاط حتى ظهرت بوادر حرب الحوثيين واجتياحهم لمدينة عدن والجنوب، عندها كان بداية تحول آخر في مسيرة عبدالفتاح “جماجم” النضالية.

و”منذ اللحظة الأولى لحرب 2015، ومحاولة الحوثيين السيطرة على الجنوب، انتظم “جماجم” في تشكيلات المقاومة الجنوبية، في مدينته كريتر؛ للدفاع عن عدن وحث الشباب في الدفاع عن مدينتهم ومواجهة جماعة الحوثي”.

ويؤكد عمار أن “جماجم” تعرض لإصابة خطيرة في 12 أبريل 2015، خلال مواجهة شباب المقاومة الجنوبية لمقاتلي الحوثي، في شوارع وأزقة كريتر. لكنه سرعان ما عاد إلى مقاومة الحوثيين، والاشتراك مع القوات الحكومية بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية، في تحرير مدينة عدن خلال أغسطس 2015.

بداية المواجهة مع “الانتقالي”

عقب تحرير مدينة عدن من جماعة الحوثي، في يوليو 2015، شهدت المدينة انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، هو من شكل ملامحها لاحقا.

خلال تلك الفترة، مضى “جماجم” في انتقاده للأوضاع الأمنية، وكشف المتورطين في خلق تلك الأوضاع التي منعت أهالي عدن من التمتع بالاستقرار.

وشرع في 2016 بتجديد نشاطه الإعلامي عبر فيديوهات تنتقد العمل الأمني والأجهزة الأمنية في عدن، التي لم ينجح في إعادة السكينة إليها، بحسب قريبه عمار.

ورفض “جماجم” استهداف الآمنين والمدنيين في منازلهم، واقتحامها بحجة البحث عن مطلوبين أمنيين، كما انتقد سياسة الاعتقالات التي طالت عدداً كبيراً من الناشطين الحراكيين والإعلاميين في عدن، كما يقول عمار.

وفي مايو 2017، تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، بدعمٍ إماراتي، بعد إقالة محافظ عدن حينها عيدروس الزُّبيدي، ووزير الدولة هاني بن بريك، من منصبيهما.

يكشف عمار أن “جماجم” كان على علم بتورط عدد من الشخصيات التي تكونت منها هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، بعلاقات مريبة مع طهران، وتلقيهم دعماً إيرانياً، وسبق لهم أن زاروا العاصمة الإيرانية وحوزاتها مراراً.

لهذا انبرى “جماجم” يهاجم “الانتقالي”، وأخذ هذه المهمة على عاتقه، وكشف زيف شعاراته.

ويشير عدد من السياسيين والناشطين الشباب في عدن، إلى أن عبدالفتاح جماجم رفض اداعات ومزاعم “الانتقالي” بكونه “مفوضاً وحيداً” للقضية الجنوبية، معتبراً هذه الادعاءات نسفاً لسنوات من نضال الحراك الجنوبي بكل مكوناته التاريخية.

مصير مجهول

استمر “جماجم” بانتقادته لسياسات “الانتقالي”، من خلال نشره مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى تم اعتقاله من منزله في حي الميدان بكريتر، من قبل 5 أطقم تابعة للمجلس، والزج به في سجن تابع له بمديرية التواهي، إحدى مديريات محافظة عدن.

وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، فيديو مسرباً من السجن، تحدث فيه “جماجم” عن تعرضه للتعذيب الوحشي في معتقله.

بعدها نشرت أخبار عن وفاته جراء التعذيب، لكن أسرته غير متأكدة بعد من صحة تلك الأخبار، وفق مصدر مقرب منها.