سقطرى

هذه خيارات حكومة اليمن بعد سيطرة حلفاء أبو ظبي على سقطرى!

فتح اقتحام "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم من الإمارات، مدينة حديبو، عاصمة أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي قبالة سواحل اليمن الجنوبية، وسيطرته على مقار رسمية، الباب واسعا أمام خيارات الحكومة الشرعية، التي وصفته بـ"الانقلاب".

اللافت أن هجوم الانتقالي، المدعوم إماراتيا، جاء أمام مرأى القوات السعودية المتواجدة هناك، التي لم تتحرك رغم طلب قوات الحكومة الشرعية الإسناد.


وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية اليمني، محمد الحضرمي، إنه "لا يمكن أن نقبل بأن يكون اتفاق الرياض ذريعة لاستمرار التمرد المسلح من قبل مليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي، أو أن يكون أداة ضغط لشرعنة من يصر على انقلابه".

وتابع وفق ما نشرته حساب وزارته بموقع "تويتر" السبت: "اتفاق الرياض جاء لإنهاء التمرد، وتوحيد الجهود لمواجهة المشروع الحوثي-الإيراني، وليس لشرعنة استمرار التمرد على الدولة".

وحسب الوزير الحضرمي، فإن التصعيد الأخير غير المبرر في سقطرى من قبل مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي سيضاف إلى قائمة انتهاكاته التي سيحاسب عليها، مؤكدا أن استمرار هذا التمرد المسلح دون رادع سينهي كل ما تبقى من أمل في تنفيذ اتفاق الرياض، الذي جاء في الأصل من أجل إنهائه.

"خيارات محدودة"
ويرى الكاتب والباحث السياسي اليمني، عدنان هاشم، أن "سقطرى" كانت كاشفة حول ما ستؤول إليه الأوضاع في جنوب اليمن مستقبلا، وردة الفعل من الإمارات والسعودية حولها.

وقال في حديث خاص لـ"عربي21": إذا ما استمر الوضع الحالي باعتقادي، فإن "الأرخبيل اليمني" أصبح مستعمرة خاصة بالإمارات، وستلحقه محافظات ومناطق في معظم جنوب اليمن.

وأضاف أن السيطرة من قِبل حلفاء الإمارات على الأرخبيل تأكيد على أنها فقدت السيطرة على مناطق حُكمها، مشيرا إلى أن ذلك يؤسس سلطات أمر واقع شمالا وجنوبا، لا تكون الحكومة الشرعية طرفا فيها.

وحول الخيارات أمام الحكومة الشرعية، أكد الباحث السياسي اليمني أنها "محدودة"، موضحا أنها من ناحية غير قادرة على مواجهة حلفاء الإمارات جنوبا، ومن الصعب عليها الإعلان عن وقف العمليات العسكرية ضد الحوثيين وخروج التحالف.

ومضى قائلا: "ليست في موقف قادر على أخذ أحد الخيارات، متوقعا أنها ستلجأ للضغط الدولي لوقف الإمارات، ومحاولة الحصول على ضغط داخل السعودية لدعم موقفها، مع أن ذلك يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي".

"العودة أو الاستسلام"
من جهته، قال رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، أنور الخضري، إن ما يجري في سقطرى هو انتزاع لأراض يمنية عبر مليشيات ممولة إماراتيا متمردة على الدولة.

وتابع حديثه لـ"عربي21": "هذه بادرة واضحة لعبث التحالف خارج ميدان مواجهة الانقلاب بصنعاء". وبحسب الخضري، فإن سقطرى بعيدة عن مسرح عمليات المواجهة مع الانقلابيين في صنعاء.

وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار مشروع الإمارات القائم على احتلال الجزر والموانئ اليمنية، وانتزاعها من السيادة اليمنية.

وأكد السياسي اليمني أن هذا الفعل الذي قام به المجلس الانتقالي باعتدائه على المحافظ الرسمي وأجهزة الدولة الرسمية يعد جريمة تنسب لبقية جرائم الانتقالي، وستدفع لمقاومتها من أبناء سقطرى بكل قوة، لافتا إلى أن "الشرعية شرعية أصحاب الأرض".

وأوضح رئيس مركز الجزيرة أن الشرعية تتعامل مع التفاصيل، في حين تتآكل شرعيته، ويتقلص نفوذها على الأرض، ويسحب منها البساط.

وقال :هي أمام خيارين؛ "إما العودة للوطن وإنهاء دور التحالف، أو الاستسلام".

"طعنة غادرة"
وأفادت مصادر محلية مطلعة بأنه في الشهرين الماضيين، وعقب التمرد الذي قاده أركان حرب اللواء الأول مشاه بحري، ناصر قيس، وتسليمه مخازن السلاح في الجزيرة للمليشيات التابعة للانتقالي، طلب محافظ سقطرى من القوات السعودية دعم قواته بالسلاح.

وأضافت المصادر لـ"عربي21" أن قائد القوات السعودية رد على محافظ سقطرى، رمزي محروس، بأنه لا يستطيع إلا بتوجيهات من قيادته بالمملكة، مشيرا إلى أن تسليح القوات الحكومية محدود ومقتصر على السلاح الخفيف فقط.

وأكدت المصادر أن قائد القوات السعودية قطع وعودا زائفة بإنهاء التمرد داخل مقر اللواء الأول مشاه بحري، وتدخلوا بوساطة وقع عليها الطرفان، لا سيما عقب صد القوات الحكومية محاولة لمليشيات الانتقالي لاقتحام مدينة حديبو، مطلع أيار/ مايو الماضي.

وبحسب أحد المصادر، فإن السلطة الشرعية في سقطرى تعرضت لطعنة غادرة من القوات السعودية، بعدما سلمت النقاط ومواقع استراتيجية تسلمتها من قوات الأمن، بموجب اتفاق رعته يوم الأربعاء، في المدخل الغربي من حديبو، للمليشيات التابعة للمجلس الانتقالي، موضحا أن ذلك مهد الطريق أمام دخول مدينة حديبو، مستخدمة مركبات مدرعة سلمتها القوات السعودية سابقا للواء المتمرد.

وأفاد مصدر محلي مسؤول لـ"عربي21" بأن إمكانيات القوات الحكومية محدودة أمام الترسانة التي استخدمها الانفصاليون لاقتحام مدينة حديبو، مؤكدا أنه عقب ذلك، وبالتزامن مع خذلان القوات السعودية التي جاءت لدعمها، قررت قيادة القوات الحكومية الانسحاب من المواجهة، والاحتفاظ بقواه البشرية.

وفي وقت سابق السبت، كشف محافظ سقطرى، عن تعرض المحافظة لخذلان وصمت مريب ممن كانت تنتظر مؤازرتهم"، في إشارة إلى التحالف العسكري بقيادة السعودية.

وشدد محروس على أن "سقطرى لن تقبل بمليشيا العبث وداعميها، ولن يسلم السقطريون أرضهم، وسيكون لكل مقام مقال"، مؤكدا أن "كل شبر من سقطرى يرفض الوصاية والعبث، وستبقى شامخة أبية حرة بكل أهلها الطيبين الشرفاء".

وسقطرى، كبرى جزر أرخبيل يحمل الاسم ذاته، مكونة من 6 جزر، وتحتل موقعا استراتيجيا في المحيط الهندي قبالة القرن الأفريقي، ظلت محل توتر وأزمات متصاعدة بين الإمارات والحكومة اليمنية المعترف بها منذ الوهلة الأولى، لتدخلها ضمن التحالف العسكري بقيادة السعودية في العام 2015.