المرأة اليمنية

المرأة اليمنية ضحية لإجراءات مواجهة فيروس كورونا

بحرقة امرأة في بلد محافظ، تجرعت أماني الأديمي المعاناة بأشكال مختلفة، حينما قررت العودة إلى اليمن، بعد أن أقرت حكومة جماعة الحوثي، اتخاذ إجراءات احترازية لمواجهة فيروس كورونا “كوفيد 19″، إذ خضعت لفترة الحجر الصحي في مدينة رداع بمحافظة البيضاء (وسط اليمن)، لمدة 14 يوماً. لكنها تقول على صفحتها الشخصية في”فيسبوك”، إنها لم تبكِ ولم تشعر بالقهر طول فترة الحجر الصحي، كما شعرت به وهي في طريقها إلى مدينة صنعاء، حيث قضت 8 ساعات ونصف الساعة وهي تتعذب، حسب وصفها، في كل نقطة تصل إليها، والعسكر يصعدون إلى السيارة التي تقلهم، لقياس درجة الحرارة.
وأضافت أماني: “وفي نقطة قحازة جنوب العاصمة صنعاء، حصلت مشادة كلامية بيني وبين أحد العسكر، لدرجة أنه طلب مني النزول، وقال بصوت عالٍ، وبلهجته العامية: (بتنزلي، ومش أنتي اللي بتعصي أوامرنا)”، رغم أنها حاصلة على كرت مختوم من مكتب الصحة، يؤكد خضوعها للحجر الصحي، حسب قولها.

إجراءات احترازاية

وعلى الرغم من إعلان منظمة الصحة العالمية، خلو اليمن من فيروس كورونا، أو كما أطلقت عليه المنظمة تسمية “كوفيد 19″، إلا أن ذلك لم يمنع الحكومة في جنوب اليمن، وحكومة الإنقاذ التابعة لجماعة الحوثي في الشمال، من اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروس، ومحاولة كبح جماحه قبل دخوله إلى اليمن الذي لازال سكانه يصارعون وباء الكوليرا وحمى الضنك وأوبئة أخرى، كما يعاني من ضعف كبير في النظام الصحي منذ بدء الحرب عام 2015.
ففي جنوب وشرق اليمن حيث تسيطر الحكومة المعترف بها دولياً، تم إقرار سلسلة من الإجراءات لمنع وصول الفيروس إلى اليمن، أهمها إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية أمام المسافرين، وكررت هذا الإجراء، الثلاثاء الماضي، ولمدة أسبوعين إضافيين.
وفي شمال اليمن حيث تسيطر جماعة الحوثي، أعلن وزير الصحة العامة والسكان في حكومتهم، الدكتور طه المتوكل، عن عدد من القرارات الحكومية الاحترازية، منها تقليص عدد الموظفين في القطاع العام والخاص والمختلط، بنسبة 80%، وتخفيف حركة التنقل بين المحافظات والمديريات والمدن، والتزام المطاعم والبوفيهات والفنادق وصوالين الحلاقة والبنوك ومحلات وشركات الصرافة، بتوفير المعقمات والمطهرات اللازمة.
كما أقرت إغلاق محلات الكوافير وتجميل السيدات حتى إشعار آخر. وهو ما أثر سلباً على كثيرات من مالكات تلك المحلات.
وتقول صاحبة إحدى محلات الكوافير في صنعاء، لــ”المشاهد” إن قرار إغلاق مصدر رزقها بسبب تداعيات فيروس كورونا، سبب لها أزمة اقتصادية، كونها تعيل أسرة، ومن خلال هذا العمل تدفع إيجار منزلها وإيجار المحل الذي تعمله به.

تقول أم أحمد، وهي يمنية مقيمة في المملكة العربية السعودية، إن حياتها انقلبت رأساً على عقب، وذلك بعد سفر زوجها إلى اليمن، وعدم قدرته على العودة بعد إغلاق المنافذ البرية والجوية، حيث سبب لها ذلك الإجراء حالة من التوتر والقلق الذي انعكس على طريقة معاملتها لأطفالها الصغار، وتحملها مسؤولية مضاعفة في ظل غياب زوجها


وتم إجراء الحجر الصحي المنزلي لمدة 14 يوماً على القادمين من الدول التي انتشر فيها الفيروس.
وبرغم أهمية تلك الإجراءات، وفي ظل هذه الأوضاع الاستثنائية، إلا أنه كان لها الأثر السلبي في حياة المرأة اليمنية، سواء من ناحية اجتماعية أو اقتصادية.
وتقول لـ”المشاهد” أم أحمد، وهي يمنية مقيمة في المملكة العربية السعودية، إن حياتها انقلبت رأساً على عقب، وذلك بعد سفر زوجها إلى اليمن، وعدم قدرته على العودة بعد إغلاق المنافذ البرية والجوية، حيث سبب لها ذلك الإجراء حالة من التوتر والقلق الذي انعكس على طريقة معاملتها لأطفالها الصغار، وتحملها مسؤولية مضاعفة في ظل غياب زوجها، فضلاً عن الإجراءات المتبعة عليهم في بلد الاغتراب، خصوصاً مع انتشار الفيروس الذي أصاب أكثر من 1000 شخص في السعودية.

فرحة لم تكتمل

وبسبب قرار تعليق الدراسة في الجامعات، اضطرت نسرين الهويدي التي جاءت من مدينة عدن، وتحملت متاعب الطريق التي فرضتها الحرب الدائرة منذ عام 2015، لتحضر دراسات عليا في كلية الزراعة بجامعة صنعاء، إلى التوقف عن دراستها لأجل غير مسمى.
وأكدت نسرين لـ”المشاهد” أن معاناتها التي انعكست بسبب الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا، لم تتوقف عند تعليق الدراسة وحسب، بل أثر ذلك حتى على تنقلها من صنعاء إلى عدن التي تعيش فيها.
وقالت: “لقد وقف السفر من وإلى عدن، مما اضطر بعض الباصات إلى أن يسلكوا طريقاً وعراً جداً وصعباً حتى يوصل المضطرين إلى المدن”.
من جهتها، ذكرت صباح الشرعبي، أن من الآثار التي انعكست عليها الضغط النفسي الذي شكل لها قلقاً كبيراً من مسألة تفشي المرض، وخوفاً على أسرتها وأهلها وكل أصدقائها، خصوصاً وأنه لا توجد إجراءات احترازية -حد قولها- كافية لمواجهة هذا الوباء في حال انتشاره.
وعبرت صباح عن انزعاجها بسبب طمع التجار الذين استغلوا الوضع في رفع أسعار المواد مثل المعقمات والجلافزات والكمامات، والتي أصبحت أسعارها خيالية وغير متوفرة في الأسواق اليمنية.
وعلى الصعيد نفسه، شكت نورا علي من متاعب السفر إلى مدينة التربة بعد الإجراءات الأخيرة، وقالت لـ”المشاهد”: “كنت في رحلة علاج إلى صنعاء استمرت لأشهر، ومع إجراءات الوقاية من الفيروس قررت العودة بصحبة طفلتيّ، إحداهما مضى على ولادتها 40 يوماً، إلى تعز، بصعوبة، نتيجة إغلاق بعض الطرقات بين المحافظات، وارتفاع تكاليف النقل”.

تأثير اجتماعي

وتؤكد أروى القدسي، إحدى سكان مدينة تعز، أن دور المرأة خلال هذه الأزمة تراجع اقتصادياً، بسبب تركيزها على كيفية المحافظة على أسرتها أولاً، وقبل كل شيء.
وترى أروى أن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا أثرت على اللقاءات والاجتماعات  التي انقطعت سواء داخل الأسرة أو خارجها، مما تسبب في عدم معرفة الأوضاع لبعض الأسر، وتحديداً التي تعاني من وضع اقتصادي سيئ، وانقطاع المساعدة المقدمة إليها، لكنها تعتبرها ضرورية لمواجهة الوباء قبل وصوله.
وطالت تلك الإجراءات الاحترازية الجميع ممن اضطروا إلى إغلاق محلاتهم، مجبرين، ولكن ضرر الإجراءات على المرأة كان أكبر كونها الحلقة الأضعف.
وتتمنى القدسي ألا تطول هذه الأزمة مع الحديث عن حالات تعافٍ كثيرة بين المصابين بفيروس كورونا في العالم، ومنهم امرأة كويتية تبلغ 82 عاماً، لترتفع حالات الشفاء في الكويت إلى 73 حالة. وفي مصر وصل عدد المتعافين إلى 150 شخصاً، وهو الحال في بقية الدول الأخرى التي تماثل فيها عدد من المصابين للشفاء.

إيجابيات

أكدت المهندسة خولة علي، أن جلوسها بالبيت جعلها تجد الوقت للتهتمام بنفسها وعائلتها، إذ تحولت من مهندسة إلى ممرضة في المنزل، تعمل على رش المعقمات، وتستقبل أفراد العائلة بالكلور والديتول، وتودعهم أيضاً بالمعقمات والكمامات والنصائح التي تستقيها من وسائل الإعلام المختلفة.
وفي ما يتعلق بحفلات الأعراس، عبرت أم محمد عن فرحتها لمنع إقامة الأفراح في القاعات، وقالت: “أشعر بسعادة لأني تخلصت ولو مؤقتاً من الالتزامات الاجتماعية التي أهدرت لأجلها مالي في شراء الفساتين والذهاب إلى الكوافيرات لاأظهر نفسي بمظهر جميل، كأنني في مسابقة لملكات الجمال”.

المصدر: المشاهد