حرب اليمن

كيف غيرت الحرب في اليمن حياة الناس وآمالهم؟

من اليوم يدخل اليمنيون سنة سادسة من الحرب في بلادهم. فكيف غيرت الحرب حياة الناس وآمالهم؟
“المشاهد” استطلع آراء عدد من اليمنيين، وتحديداً الشباب، ومنهم متين محمود (37 عاماً)، الذي قال: “لا شك أن كل يمني طرأت في حياته تغييرات جذرية في زمن الحرب. شخصياً ضاعفت الحرب الحالة النفسية المتردية، وقذفت الخوف في قلبي وقلب عائلتي، كوننا نعيش بالقرب من مناطق التماس (منطقة مواجهات في تعز جنوبي غرب اليمن)”.
وأضاف متين: “الحرب صنعت أدوات خوف جديدة، وثمة مخاوف جديدة طرأت على الواجهة، أبرزها البحث عن لقمة العيش”.
وقال إنه قبل الحرب كان يعمل ويساعد والده الموظف الحكومي في تأمين متطلبات الحياة، وتغطية مصروفات منزلهم الكبير.
وتابع: “قدمت الحرب بلا موعد، وانقطع راتب والدي، وتحملت العبء لوحدي، فضلاً عن ارتفاع جنوني لأسعار السلع الأساسية، الأمر الذي زاد الأمور تعقيداً”.
وأوضح أنه لم يعتمد على عمله الحالي (موظف في القطاع الخاص)، حيث وجد فرصة عمل أخرى لسد النقص “وإن كان يأخذ كل جهدي ووقتي، لكنها طاقة الشباب، أخرجتها الحرب اللعينة، التي لا تريد أن تضع أوزارها!”.

نحو الأسوأ

عبدالقادر نعمان، وهو شاب في مطلع العقد الرابع من العمر، قال إن “الحرب غيرت حياتنا إلى الأسوأ..”.
وأضاف: “كنا نحلم ونطمح إلى مستقبل يسوده الأمن والتعايش والقبول بالآخر، لكن أصبحنا الآن نتخوف حتى من الانتقال من محافظة إلى أخرى، هذا مثال بسيط لنتائج الحرب، ما بالك بالطموحات الأخرى التي تعثرت بفعل تدهور الوضع بشكل عام!”.

الصلوي يفكر ببيع منزله

من جانبه، قال محمد الصلوي (40 عاماً)، وهو أب لـ5 أطفال في حديثه لـ” المشاهد” : “كانت لي خطة لتحسين العيش والاستقرار، بدأت قبل الحرب بشراء قطعة أرض في تعز، وشرعت بالبناء، وأنجزت الكثير، ولم يبقَ إلا السطح، فاندلعت الحرب، وانقطعت الرواتب، وأُخرجنا من أعمالنا ووظائفنا. هنا، لم أجد إلا البحث عن مكان أجد فيه عملاً، فقررت السفر إلى العاصمة المؤقتة عدن”.
انطلق الصلوي من صنعاء باتجاه عدن، للبحث عن عمل، لكن تم اعتقاله من قبل الحوثيين في نقطة أمنية تابعة لمحافظة لحج الجنوبية، في 10 سبتمبر 2016. 
“أخذوني إلى السجن في مديرية الراهدة، وبعدها من معتقل إلى آخر، حتى ظللت في المعتقل ما يقارب السنة، إلى أن أخرجت بضمانة (بضمانة قيادي حوثي)”، قال الصلوي.
وأضاف الشاب الذي كان يعمل محرراً صحفياً ومراجعاً لغوياً بوكالة الأنباء اليمنية “سبأ” بصنعاء: “من ذلك التاريخ، لم أعد أفكر إلا في كيف أوفر القوت الضروري لأسرتي، من مأكل ومشرب، وكيف أوفر الحد الأدنى لأبنائي لكي يواصلوا تعليمهم”.
وقال الصلوي العاطل عن العمل حالياً، إنه يفكر في بيع المنزل الذي كان بدأ ببنائه قبل الحرب “لأواصل تعليم أولادي، وأستمر في الحياة”.

“الحرب دفعتني للنزوح”

وبالنسبة لنورة الحكيمي، فالحرب جعلتها توقف دراستها الجامعية.
“بسبب الحرب تدهورت حياتنا المعيشية، حتى إنني مازلت مخطوبة من قبل الحرب بعام، لعدم قدرة خطيبي على توفير نفقات الزواج منذ ذلك الحين. نأمل انتهاء الحرب”، قالت نورة.
“الحرب دفعتني للنزوح من تعز إلى صنعاء، وبذلك تركت كل شيء خلفي، حتى محلاتي التجارية ومنزلي”، قال أحمد الصبري، وهو رجل أعمال يمني من الطبقة الصغيرة.
واضطر الصبري لترك محله التجاري (متجر لبيع الملابس) الذي تعرض للسرقة لاحقاً، وانتقل إلى صنعاء مع أطفاله بعدما تعرض حيهم السكني للدمار على خلفية المواجهات بين الحوثيين وخصومهم المحليين.
وقال: “حياة النزوح صعبة، لكني تعودت عليها، نحصل على الغذاء من المنظمات الدولية بعدما كنا نعيش حياة مستقرة وآمنة”.

“غارة جوية قتلت أمي”

أحمد داود، صحافي يمني قال لـ” المشاهد” : “كنت أعتقد أن الحرب لن تتجاوز 3 أشهر، لكننا الآن نلج العام السادس دون وجود مؤشرات تلوح في الأفق لإيقافها”.
وأضاف: “شخصياً عانيت كما عانى الكثير من اليمنيين، من ظروف الحياة القاسية، فصنعاء التي أسكن فيها، لم تعد آمنة.
وفي مايو 2019 سقط صاروخ بفعل غارة جوية لطيران التحالف الذي تقوده السعودية، على منزل أسرتي، وقتلت أمي، واثنان من أبناء أخي، فيما تعرض أخي لكسور في رجله”.
وقال داود إنه كان يتطلع قبل الحرب للبحث عن الأمان، والاستقرار بجانبيه النفسي والاقتصادي.
“كان لدي أمل كبير في استكمال دراستي الجامعية في مجال الإعلام، والسفر إلى الخارج إن سنحت لي الظروف، لاستكمال التعليم العالي، لكن الحرب أعاقت كل شيء، وانحصر تفكيري مثل بقية الناس في كيفية توفير مستلزمات الحياة لأطفالي وأسرتي”، قال الشاب ذاته.
ويتمنى داود، إيقاف الحرب والعيش مثل بقية شعوب العالم في أمن وأمان، وحياة كريمة، بعيداً عن أصوات الرصاص، وأزيز الصواريخ، وضجيج الطيران الحربي. “لم نعد قادرين على التحمل أكثر”.
وتشهد اليمن حرباً دامية منذ 26 مارس 2015، بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران.
وأودت الحرب بحياة نحو 100 ألف شخص، ودفعت الملايين إلى شفا مجاعة، وفقاً لمشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة، وهو منظمة غير حكومية.