قوات سعودية

مسؤول غربي: الرياض تريد إنهاء حرب اليمن.. لكنها في مأزق

كشفت أحاديث لمسؤولين غربيين وسعوديين، عن مأزق كبير تعاني منه الرياض باليمن، في حرب استنزفتها على مدى 5 سنوات، مغ غياب استراتيجية خروج من الحرب المكلفة، في الأفق.

وتوقعت الرياض انتصارا سريعا عندما قررت التدخل في اليمن على رأس التحالف في 2015 لقتال المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، في إطار سياسة خارجية حازمة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ولكن الحرب كشفت عن حدود قدرات السعودية العسكرية، إذ عجزت الرياض حتى الآن عن التغلب على الحوثيين، من مراكز قوتهم في شمال البلاد، وسعت دون جدوى إلى وقف الاقتتال الداخلي المميت بين حلفائها في الجنوب.

وتبدو المملكة وحيدة إلى حد كبير الآن بعدما قامت حليفتها الإقليمية الرئيسية الإمارات في 2019 بخفض تواجدها العسكري في اليمن، في خطوة قال مراقبون إنها تهدف إلى الحد من خسائرها.

ولكن ليس أمام السعودية طريق سهلة للخروج من هناك.

وقال مسؤول غربي مطلع على سياسة الرياض في اليمن لوكالة فرانس برس "على غرار الإمارات، يرغب السعوديون في أن يقولوا إن هذه الحرب انتهت بالنسبة لنا".

واضاف: "لكن الوضع على الأرض صعب للغاية".

حرب وسلام

واندلعت مؤخرا المعارك مجددا بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة اليمنية المدعومة من الرياض في محافظة الجوف الاستراتيجية وفي محافظة مأرب شمالا، بعد أشهر من التوقف.

وكانت الأطراف المتنازعة أبدت في السابق اهتمامها بخفض التصعيد، مع إعلان مسؤول سعوديّ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أنّ المملكة تقيم "قناة اتصال" مع الحوثيين من أجل إنهاء الحرب.

وعرض الحوثيون أيضا وقف كافة الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة ضد السعودية.

ويبدو أن هذه الجهود لم تسفر عن شيء بينما يرى مراقبون أن الحوثيين ربما قاموا باستغلال فترة الهدوء من أجل تعزيز قدراتهم العسكرية.

ومن جهة اخرى، يبدو أن اتفاق الرياض لتقاسم السلطة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والانفصاليين الجنوبيين الذي تم توقيعه في الرياض في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تم تعليقه أيضا.

وكان من المقرر حسب الاتفاق عودة الحكومة اليمنية إلى العاصمة المؤقتة عدن بعد أن طردها الانفصاليون منها.

ولكن ما زال الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس وزرائه في الرياض، بحسب مصادر.

وأعرب مسؤولون سعوديون كبار أيضا عن إحباطهم من الاقتتال الداخلي الذي يعرقل حملتهم المشتركة ضد الحوثيين الذين يسيطرون على مساحات واسعة في اليمن.

وقال المسؤول الغربي "تم عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، والتوترات تتصاعد مرة أخرى في الجنوب بالتزامن مع تصاعد القتال في الشمال".

وبحسب المسؤول، فإنه يبدو أن السعودية "تواجه السلام مثل الحرب عبر المبالغة في تقدير قدراتهم والتقليل من قدرة الجانب الآخر على الانخراط في هجوم مضاد".

ويؤكد محللون أن المملكة لا تزال تملك مفاتيح حل الصراع الشائك في اليمن.

وتقول إيلانا ديلوجر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "السعوديون في أفضل وضع للقيام بذلك لأنهم يملكون علاقات مع كل اللاعبين الأساسيين في اليمن".

ولكنها حذّرت من أن "قدرة السعودية على المناورة لإنهاء الحرب بشروط يمكنها القبول بها، قد تتقلص".

"خفض" التكاليف

 

وفي مسعى لخفض الانتقادات الدولية للضحايا المدنيين من الغارات الجوية في اليمن، يركز المسؤولون على الإشارة إلى مشاريع التنمية -بما في ذلك المدارس ومحطات لتحلية المياه وغيرها- التي يتم تنفيذها إلى جانب العمليات العسكرية.

وضخت المملكة مليارات الدولارات لتعزيز البنك المركزي اليمني ودعم العملة اليمنية، على الرغم من مواجهتها انخفاضا في أسعار النفط- ركيزة الاقتصاد السعودي بالإضافة إلى وقوفها على أعتاب مرحلة اقتصادية صعبة تتأثر بفيروس كورونا المستجد.

ولم تُسجّل في اليمن حيث أسوأ أزمة إنسانية في العالم أي إصابة بعد وفقا لمنظمة الصحة العالمية، لكن هناك خشية كبرى من أن يتسبّب الوباء حال بلوغه أفقر دول شبه الجزيرة العربية في كارثة بشرية، في حين أن تأثيره على مجرى الحرب ليس واضحا بعد.

وحتى الآن، لا تلوح أي بوادر في الأفق لإنهاء الحرب في اليمن، التي أكد مسؤولون سعوديون أنها رئيسية لمواجهة ما وصفوه بخطر التوسع الإيراني.

وكتب الأستاذ المساعد في جامعة أوتاوا الكندية توماس جونو في تحليل لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: "تعتقد الرياض أن انسحابها المفاجئ سيضعف التحالف أو يؤدي إلى تفككه، ما يخدم الحوثيين وداعمهم الخارجي، إيران".

وأضاف: "في الوقت نفسه، تريد الرياض خفض تكاليف تدخلها في اليمن، فقد أدركت أنه ليس بمقدورها تحمل التكاليف المالية والعسكرية على المدى الطويل".