مسلحون حوثيون- أرشيفية

المونيتور: كيف بات سليماني بطلا قوميا للحوثيين

أثار مقتل قائد إيراني بارز في غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار في بغداد الخوف والغضب في المنطقة. 

 

قُتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى جانب رفاقه العراقيين صباح 3 يناير. ويمثل هذا الحدث المروع نقطة تحول وفصلًا آخر من التوترات في المنطقة وعصرًا من العداوة المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران.

 

سيشهد الشرق الأوسط - المنطقة التي تعج بالصراعات والتنافس - عواقب القرار الأمريكي الجريء بتصفية سليماني الذي أدى وفاته إلى تقسيم المنطقة. بينما ينظر إليه البعض على أنه قاتل تسبب في مقتل الكثيرين في إيران والمنطقة فإن آخرين يعتبرونه شهيدًا ورمز المقاومة.

 

كان لدى اليمنيين مجموعة من ردود الفعل على مقتل سليماني، كان الحوثيون يشعرون بالصدمة والغضب ولكن الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والمدعومة من قبل المملكة المتحدة كانت مبتهجة وشعرت بالفوز. ردود أفعال كلا الجانبين لها جذور أيديولوجية تشير إلى الإنقسام الطائفي الذي سيطر على البلاد خلال السنوات الخمس الماضية.

 

يشترك الحوثيون في أيديولوجية وثيقة مع إيران، بينما تتبع الحكومة اليمنية نهج المملكة العربية السعودية. تتوقف أطراف النزاع في اليمن على اللاعبين الخارجيين وردود أفعالهم على التطورات الإقليمية تشبه ردود فعل مؤيديهم الأجانب.

 

قام الحوثيون بتنظيم مظاهرات حاشدة في 6 يناير في صنعاء ومحافظة صعدة معربين عن تأييدهم لإيران واستنكار مقتل سليماني. وهتف المشاركون بشعارات مناهضة للولايات المتحدة وطالبوا بطرد القوات الأمريكية من المنطقة. حملوا صوراً لسليماني ورفعوا لافتات كتب عليها "الله أكبر...الموت لأمريكا".

 

وقال حشد صنعاء في بيان "الأمة المسلمة برمتها لها الحق في الرد على جريمة إغتيال سليماني وأبو مهدي المهندس وجميع الشهداء لمواجهة الهيمنة الأمريكية". كان أبو مهدي المهندس نائب رئيس وحدة الحشد الشعبي، وهي جماعة موالية لإيران في العراق.

 

ألقى ضيف الله الشامي، وزير الإعلام في حكومة الحوثي، كلمة أمام التجمعات في صنعاء قائلاً:"دم سليماني لا ينتمي إلى إيران أو العراق فهو يخص كل المسلمين والشعوب الأحرار".

 

القائد الإيراني الراحل ليس الآن بطلاً قومياً للإيرانيين فقط بل للحوثيين اليمنيين الذين خرجوا إلى الشوارع وعرضوا صوره.

 

أبو مروان، مدرس في صنعاء، شاهد عدة صور ضخمة لسليماني في العاصمة صنعاء. وقال "الناس العاديون هنا لم يعرفوا عنه قبل مقتله والآن تعرفوا عليه. يعتز الحوثيون بهذا القائد العسكري الإيراني وقد علقوا صوره لأن إيران والحوثيين لهم أعداء مشتركون".

 

وحث محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا للحوثيين على انتقام سريع لمقتل سليماني في تغريدة تراجع عنها لاحقًا. وقال "نحن ندين هذا القتل. الإنتقام المباشر والسريع هو الحل". ومن وجهة نظر الحوثي، فإن عدم الإنتقام الدقيق يشير إلى الضعف الإيراني وهذا الضعف سينعكس على حلفائها الإقليميين بمن فيهم الحوثيون.

 

بينما يغرق الحوثيون في الحزن والتعاطف مع سليماني يعتقد المسؤولون الحكوميون في اليمن المدعومون من السعودية أن ما حدث هو مقدمة للسلام.

 

قام معمر الإرياني، وزير الإعلام في الحكومة المعترف بها دولياً، بتغريد أن مقتل سليماني قوض "سياسات إيران التوسعية وهو خطوة مهمة لإنهاء الحروب والصراعات و تحقيق الأمن والإستقرار في المنطقة".

 

وقال إرياني لوكالة سبأ للأنباء إن الحوثيين يمكن أن يحولوا اليمن إلى ساحة قتال بين إيران والولايات المتحدة في أعقاب هذا التصعيد الدراماتيكي.

 

يقول محمد عبده، الصحفي اليمني الذي يركز على الشؤون السياسية، إن الحوثيين يعتقدون أن مصيرهم مرتبط بإيران. عندما تشعر طهران بالضيق أو تعاني من نكسات يشعر الحوثيون بالإحباط والقلق.

 

قال محمد عبده للمونيتور إن تعاطف الحوثيين الكبير مع إيران يعني أن المجموعة مستعدة لشن هجمات لمساعدة إيران على تحقيق أهدافها.

 

وقال "بدون إيران، لن يتحمل الحوثيون الحرب لمدة خمس سنوات. الدعم الإيراني هو شريان الحياة للحركة الحوثية في اليمن. الحوثيون ناقص إيران سوف ينهارون في وقت قصير".

 

ذكرت مصادر إعلامية غربية في عام 2017 أن إيران تكثف دعمها للحوثيين من خلال توفير الأسلحة والتدريب والدعم المالي. قال المسؤولون الأمريكيون في ديسمبر 2019 إن البحرية الأمريكية صادرت "مخابئ كبيرة" لأجزاء الصواريخ الإيرانية الموجهة المشتبه بذهابها إلى الحوثيين. على الرغم من أن إيران نفت مراراً أي صلة لها بالحوثيين في اليمن إلا أن رئيس الأركان الإيراني، اللواء محمد باقري، في أكتوبر 2019، أقر بأن الحرس الثوري قدم "الدعم الإستشاري والفكري" للحوثيين.

 

في تعليقه على المسيرات الحوثية المؤيدة لإيران في صنعاء، يعتقد عادل داشيلا وهو باحث وكاتب يمني، أن هذه التجمعات الجماهيرية تثبت العلاقة القوية بين الحوثيين وإيران وهو تحالف لا يمكن كسره بسهولة.

 

وقال عادل للمونيتور:"من وجهة نظري، سيستمر غياب الدولة في اليمن، وسيواصل الحوثيون تنفيذ ما تمليه دوائر صنع القرار في طهران. كما ستستمر الهجمات على المملكة العربية السعودية وهذا سوف يجعل من الصعب على الجهود السياسية كسر الجمود المستمر منذ خمس سنوات".

 

أدى الصراع المدمر في اليمن إلى خسائر فادحة، وأصبحت الحرب الأهلية حربًا بالوكالة. قد تؤدي عواقب التصعيد الإيراني الأمريكي الأخير إلى إحداث المزيد من الألم والدمار في اليمن ما لم تمتنع أطراف النزاع عن إشعال المزيد من العنف في البلاد.

 

أطلقت إيران أكثر من اثني عشر صاروخًا على قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في العراق لإظهار أن مقتل سليماني سيتم مجابهته. أصابت الصواريخ الإيرانية القواعد التي يعتقد أنها كانت بمثابة مواقع لإطلاق هجوم الطائرات بدون طيار الذي أودى بحياة سليماني. لا تزال الولايات المتحدة تقيم ردها على الهجمات الإيرانية. الأعمال الحربية قد تثير المزيد من الأعمال ، والتي بلغت ذروتها في دوامة من العنف في المنطقة.

 

كتب السفير الأمريكي السابق في اليمن ستيفن سيش، في مقال لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، أن إيران ستوظف حلفائها في المنطقة بمن فيهم الحوثيون في اليمن للرد على مقتل سليماني.

 

وأضاف:"إن فرصة حدوث سوء تقدير مأساوي كثيرة في منطقة الخليج. لدى أطراف النزاع في اليمن فرصة لتجنب مثل هذا الخطأ في الحسابات وإظهار ضبط النفس والإستمرار في طريق السلام".

 

يمر الشرق الأوسط بمنعطف حرج. قد تندلع حرب شاملة في منطقة تعج بالمنافسات وجداول الأعمال المتضاربة. من المرجح أن يزداد حجم المعاناة في اليمن الذي يعتبر ضحية المنافسات الإقليمية في ضوء الفجوات المتسعة بين القوى الإقليمية.

 

*لقراءة المادة الأصل على الرابط هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست.