مدينة تعز

2019 حصاد عام في تعز.. إخفاق أمني وعسكري ومناكفات حزبية

شهدت محافظة تعز خلال العام المنصرم 2019 أحداثا أمنية وعسكرية، وتوترات بين فصائل الجيش الوطني، كان آخرها اغتيال العميد الركن عدنان الحمادي، قائد اللواء 35 مدرع.

 

وتعرض العميد الحمادي لطلق ناري في الرأس، مساء الاثنين الثاني من ديسمبر/كانون أول الماضي، في فناء منزله بعزلة بني حماد في مديرية المواسط بريف الحجرية جنوب تعز، وأُعلن عن استشهاده خلال نقله للمستشفى للعلاج في عدن.

 

وفي 6 ديسمبر، وجه الرئيس عبد ربه منصور هادي بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات استشهاد العميد الركن عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع.

 

واقتضى توجيه هادي أن يتم تشكيل لجنة التحقيق برئاسة النائب العام الدكتور على الأعوش، وعضوية كل من رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اللواء الركن أحمد محسن اليافعي، والعميد مطهر الشعيبي، ورئيس عمليات محور تعز العميد عدنان رزيق.

 

7 ديسمبر، اعتذر رئيس عمليات محور تعز العميد عدنان رزيق قائد اللواء الخامس حماية رئاسية بتعز عن المشاركة في عضوية لجنة التحقيق في مقتل العميد عدنان الحمادي قائد اللواء 35 مدرع.

 

وأوضح رزيق في رسالة رفعها إلى وزير الدفاع أسباب اعتذاره والتي أرجعها إلى تواجده خارج البلاد، مقترحاً أن يتم استبدال اسمه بآخر يمثل النيابة العامة كون القضية قد تمتد لتشمل التحقيق مع مدنيين وليكون مهام اللجنة متوافقا مع الدستور والقانون

 

وفي 10 ديسمبر، وصلت اللجنة الرئاسية المشكلة من قبل رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير عبد ربه منصور هادي المكلفة بالتحقيق في جريمة اغتيال العميد عدنان الحمادي إلى تعز.

 

وعادت اللجنة الرئاسية المكلفة بالتحقيق في حادثة اغتيال العميد عدنان الحمادي، في الـ14 من ديسمبر 2019، إلى العاصمة المؤقتة عدن، دون الإفصاح عن نتائج التحقيقات.

 

ولم تكشف لجنة التحقيق حتى الآن عن أي معلومة أو تشر بالاتهام لأي طرف.

 

ولم تكن حادثة استشهاد العميد عدنان الحمادي الحادثة الوحيدة التي شهدتها محافظة تعز خلال العام 2019، فقد شهدت مدينة تعز خلال العام المنصرم جملة من القضايا والأحداث الساخنة على المشهد، بالإضافة إلى المفارقات السياسية والأمنية التي طفت إلى السطح.

 

الحصاد العسكري

 

وعلى الرغم من كل الأحداث المختلفة التي شهدتها المدينة، فإن الجانب العسكري خصوصا في جبهات القتال لم يشهد أي تتطور بارز سواء في الأرياف أو على أطراف المدينة سوى كر وفر في الغالب وتقدمات عسكرية محدودة.

 

وفي هذا السياق قال الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني عبدالباسط البحر لـ"الموقع بوست" إن الجيش الوطني حقق تقدمات ميدانية وعسكرية على ثلاث أصعدة، الصعيد الأول هو الصعيد الميداني الذي تركز على العمليات الهجومية للجيش الوطني والذي يعتبر الأساسي في العملية القتالية حيث هاجم الجيش الوطني خلال فترات متفاوتة عددا من مواقع المليشيات الانقلابية في عدد من الجبهات أهمها شمال المدينة (عصيفرة) وحرر تلة محمود دائل وحي الكهرباء بالإضافة إلى بعض التقدمات في شمال حي عصيفرة وهاجم القطاع الشرقي للمدينة كما تم تأمين عدد من مواقع الجيش الوطني كمحيط معسكر التشريفات والقصر الجمهوري كما تم تأمين جبهات لوزم والكريفات.

 

وأضاف البحر: "أما جنوب شرق مدينة تعز وفي جبهة الشقب سجل الجيش الوطني بطولات عدة أبرزها عدة تقدمات في عدة تلال، كما هاجم في غرب المدينة في منطقة الأشروح، بالإضافة إلى الأعمال القتالية والهجومية والدفاع على الأراضي المحررة".

 

 وبحسب البحر فإن الصعيد الثاني كان على البناء المؤسسي حيث شهد هذا العام بناء الشعب التأمينية لقيادة محور تعز واستكمال البناء والهيكل التنظيمي على قيادة المحور وللألوية العسكرية التابعه لها وتقسيم مسرح الأعمال القتالية بين الألوية العسكرية وتوفير ما أمكن من المهام العسكرية ومتابعة المستحقات واستكمال الإشكاليات وانتظام صرف الرواتب وغير ذلك من الأعمال الإدارية وترتيبها واستكمال بنائها.

 

أما الصعيد الثالث بحسب الناطق الرسمي باسم محور تعز فكان على صعيد التأهيل والتدريب كان لها أولوية فعقدت عدد من الدورات التخصصية ودورات التأهيلية والتدريب للكوادر البشرية والعناصر القتالية سواء على مستوى الصف أو على مستوى الأفراد والصف والضباط والقادة، وعقدت الألوية في مقراتها وفي مراكز التدريب الخاصة بها.

 

وأضاف: "بالإضافة إلى عقد قيادة المحور دورات تدريبية وتشكيل كتائب التأمين القتالية والدعم والإسناد في قيادة المحور وتشكيل تدريب في مراكز الألوية لتخرج دفعات الأفراد والضباط والصف سواء في اللواء 170 أو اللواء 35 مدرع واللواء 22 ميكا واللواء 17 واللواء 45 واللواء الخامس حماية رئاسية واللواء الرابع مشاة جبلي وغيرها من ألوية تعز التي تخرجت منها دفعات وشكلت مراكز تدريبية للتدريب والتأهيل للعناصر القتالية في مختلف ظروف القتال على مختلف أنواع الأسلحة.

 

وأكد البحر أن الجيش يواجه صعوبات كبيرة ومعوقات وتحديات غير عادية، مؤكدا أنهم في وضع حرب ولم يستكمل البناء المؤسسي بشكل كامل، مشيرا إلى أن أبرز تلك التحديات هو التسليح حيث لا تمتلك الألوية العسكرية أسلحة بحسب ما هو معتمد أو مقرر لها، بالإضافة إلى الدروع والعربات المدرعة وعربات الجنود، وعدم توفر السلاح الثقيل والمتوسط والنوعي الذي بإمكانه تغيير موازين القوى ومعادلة المعركة لصالح الجيش الوطني وتحقيق التحرير بأقل الإمكانيات.

 

أحداث أمنية

 

أعلن الجيش الوطني في محافظة تعز في الـ18 من يونيو القبض على المطلوب دوليا ضمن قائمة الإرهاب بلال الوافي، والمكنى أبو الوليد الصنعاني، زعيم تنظيم "داعش" في تعز.

 

وكان الوافي قد تمترس بالبيت واحتجز نساء وأطفالاً كدروع بشرية، إلا أن أفراد الحملة "تعاملوا مع الموقف بكل احترافية ولم تحدث أي إصابات جانبية".

 

واعتبر "الوافي" منذ منتصف عام 2017 عضواً رئيسياً في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

 

وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية، في منتصف أكتوبر/تشرين الأول من العام 2017، بلال الوافي ضمن قوائم الإرهاب في اليمن.

 

الحصاد الأمني 

 

وفي الجانب الأمني شهدت محافظة تعز خلال العام المنصرم 2019 الكثير من الأحداث والقضايا، وسجلت أجهزة الأمن بمختلف هيئاتها ووحداتها ومؤسساتها الكثير من الإنجازات، بالرغم من كل المعوقات والصعوبات والعراقيل والعقبات التي واجهت الأجهزة الأمنية في المحافظة، نتيجة التدمير الممنهج الذي طال المؤسسة الأمنية ومبانيها وأجهزتها بفعل الانقلاب الحوثي والحرب التي شنها على تعز وعلى اليمن كافة.

 

نجاحات كبيرة تحققت في الجانب الأمني، إذ تبرز ملامح التحسن الأمني خلال العام 2019 من خلال نسبة ضبط الجريمة، وتأمين الأحياء والمناطق التي ظلت تشكل تهديداً حقيقياً للأمن الداخلي، إضافة إلى ضبط عدد كبير من المطلوبين أمنياً وإحالتهم للجهات المختصة.

 

وقد لعب التنظيم الداخلي والترتيب والتهيئة والتدريب لقواعد الأمن وكوادره دوراً محورياً في الجانب العملي، وانعكس إيجاباً على مختلف الأصعدة .

 

وفي هذا السياق قال مساعد مدير عام شرطة تعز لشؤون الأحياء السكنية العقيد سمير الأشبط لـ"الموقع بوست" إن أهم المنجزات الأمنيه في مدينة تعز في عام 2019 كانت ملاحقة والقبض على أهم العناصر الخارجة عن القانون في مدينة تعز وبسط هيبة الدولة في كل شبر من المدينة. 

 

خلال 2019 استطاعت شرطة تعز، من خلال العمل المتواصل للأجهزة الأمنية، مكافحة الجريمة، وتحديث وتطوير وسائل حفظ الأمن ، وتحقيق قفزة نوعية في مستوى ضبط الجريمة، لافتاً إلى أن نسبة ضبط الجريمة في عام 2019 كانت أفضل بكثير مقارنة بالأعوام السابقة، وقياساً بواقع الإمكانات المتوفرة.

 

وبحسب الأشبط، فإنه خلال عام 2019 تمكنت الأجهزة الأمنية من السيطرة وتعزيز التواجد الأمني، وتوسيع خارطة السيطرة إلى مناطق جديدة سواء تلك التي تم تطهيرها من الجماعات الخارجة عن القانون، أو التي لم تكن ضمن خارطة الانتشار الأمني، سواء في المدينة أو في المديريات وعواصمها، الأمر الذي ساهم في تحقيق السيطرة الفعلية للأجهزة الأمنية.

 

وأكد الأشبط أن الأجهزة الأمنية أصبحت حاضرة بقوة بالرغم من شحة الإمكانيات ولكن بوجود العزيمة والإرادة لدى التشكيلات والوحدات الأمنية استطاعت أن تذلل الكثير من الصعوبات، مؤكداً أن هناك خطة أمنية لعام 2020، وستكون تعز أفضل بإذن الله تعالى.

 

ومن أبرز الأحداث الأمنية التي شهدتها مدينة تعز، في الـ20 من شهر أبريل 2019، شهدت المدينة اشتباكات عنيفة بين الحملة الأمنية من جهة ومسلحين تابعين لكتائب أبي العباس من جهة أخرى في عدد من أحياء المدينة.

 

26 أبريل 2019، توصلت لجنة التهدئة المكلفة من محافظ تعز نبيل شمسان، إلى اتفاق مع ممثلي كتائب أبو العباس على وقف إطلاق النار في المدينة القديمة بعد أيام من المواجهات. 

 

ونص الاتفاق على تولي قوات اللواء الخامس حرس رئاسي تأمين المدينة القديمة ومحيطها، وحماية انسحاب مسلحي كتائب أبو العباس إلى الكدحة بمديرية المعافر. 

 

وبدأت كتائب أبو العباس الانسحاب مساء الجمعة، الموافق 26 أبريل 2019، من مدينة تعز، تنفيذاً لاتفاق لجنة التهدئة في المحافظة، وذلك عقب مواجهات مع قوات أمنية أسفرت عن مقتل وإصابة 26 شخصاً على الأٌقل.

 

ومارست العناصر الخارجة عن القانون التابعة لأبي العباس آنذاك عددا من  الانتهاكات في عدد من الأحياء السكنية بالمدينة القديمة وقامت بنصب عدد من القناصات في حي الظاهرية ووادي المدام وشارع باب موسى والباب الكبير.

 

وفي 27 من يناير 2019، عاد الهدوء إلى الأحياء الجنوبية في مدينة تعز بعد أيام من اشتباكات دامية بين قوات الشرطة ومسلحي كتائب "أبو العباس" السلفية المدعومة من الإمارات.

 

وبدأت قوات الشرطة بالانتشار داخل تلك الأحياء، بعد مغادرة مسلحي أبي العباس باتجاه الريف الجنوبي من مدينة تعز، على متن ما لا يقل عن 30 مركبة.

 

الوضع الاقتصادي والمعيشي والصحي والتعليمي 

 

حصاد عام 2019  كان حصادا مثقلا بالأزمات الاقتصادية حيث بدت مشكلة تدهور العملة المحلية والأجنبية  متعددة العناوين، بالإضافة إلى التلاعب في أسعار وصلاحية المواد الغذائية والاستهلاكية والوقود والمستلزمات الأخرى.

 

أما مديريات تعز كان لها وجه آخر من المعاناة حيث شهدت مدينة تعز تفشي الأمراض والحميات في ظل نقص الخدمات الطبية والصحية مما ضاعف من معاناة السكان، حيث تجاوز عدد المصابين بالحميات منذ بدء العام 2019 وحتى اللحظة مايقارب أكثر من ستة آلاف حالة تنوعت بين حمى الضنك وغرب النيل والحمى الفيروسية والتي انتشرت مؤخرا مما تسبب بهلع في أوساط السكان.

 

وفي الجانب التعليمي الذي شهد تحسن ملحوظا وإن كان طفيفا لا يزال ينقصه الكثير من الاحتياجات أبرزها إنشاء مرافق تعليمية وتزويدها بالكوادر والاحتياجات الأولية.

 

قصف وحصار 

 

ومع دخول عام جديد من الحرب في تعز إلا أن المدينة ما تزال تتعرض لشبح حرب وحصار وقتل متواصل من قبل مليشيات الحوثي الانقلابية لا يعرف له نهاية، حيث تصدرت المدينة المئات من الشهداء والجرحى فضلا عن الانتهاكات والمجازر التي مارستها مليشيات الحوثي بحق المدنيين في ظل صمت وتستر دولي مخيف.

 

وبحسب اللجنة الوطنية لانتهاك حقوق الإنسان، فقد بلغ أعداد الضحايا حوالي 1400جريح وقتيل في انتهاكات متفرقة ومتنوعة حصدتها مدينة تعز تصدرها قتل المدنيين يليها تدمير الأعيان والممتلكات العامة والخاصة التي وصلت حالة إلى 200 حالة تدمير منزل مبنى ومنشأة عامة وخاصة خلال عام 2019، كما طال الاعتقال التعسفي أبناء مدينة تعز، بالإضافة إلى تقييد الحريات.

 

التهجير القسري الذي طال المواطنين في مديريات جبل حبشي وحيفان وصبر المسراخ، بالإضافة إلى مديريات موزع والوازعية ومقبنة وهي من أكثر المناطق التي شهدت تهجيرا قسريا.

 

ومن الانتهاكات التي طالت المدينة زراعة الألغام، حيث رصدت اللجنة الوطنية للانتهاكات أن معدل زراعة الألغام هي الأكبر في مدينة تعز والتي تم زراعتها في 18 مديرية من أصل 23 مديرية، بالإضافة إلى أعلى معدل ضحايا ألغام بين المدنيين.

 

ورصدت اللجنة الوطنية أكثر من 83 واقعة قتل وإصابة مدنيين نتيجة الألغام الفردية والمحظورة.

 

في الـ19 من ديسمبر 2019 نجحت صفقة تبادل أسرى بين مليشيات الحوثي الانقلابية والجيش الوطني في محافظة تعز.

 

وقضت الصفقة بالإفراج عن 75 من أسرى الجيش الوطني بينهم مدنيون اختطفتهم جماعة الحوثي، في حين أفرجت قوات الجيش الوطني عن 60 أسيرا من مليشيات الحوثي.

 

وكشفت رابطة أمهات المختطفين في محافظة تعز عن قائمة المختطفين والمخفين قسرياً لدى مليشيات الحوثي الانقلابية، بلغت 580 مختطفاً و82 مخفين قسرياً خلال 2019.

 

مناكفة حزبية واتهامات متبادلة

 

وشهدت تعز خلال العام المنصرم مناكفات حزبية وسياسية واتهامات متبادلة في النفوذ والسيطرة على مدينة تعز.

 

وتتبادل الأحزاب الاتهمات بخصوص قضايا فساد وتعيينات في مناصب مدنية وعسكرية وأمنية، اذ تعمل جهات محسوبة ومدعومة من أطراف في التحالف العربي على الزج بالأحزاب للوقيعة بينها من أجل أغراض سياسية ولتدمير تعز جيشا ومقاومة.