كلاب مسعورة

معظم ضحاياها من الأطفال والنساء.. الكلاب المسعورة تحتل شوارع صنعاء

تسير "ذكرى سالم " ابنة العشرين عاماً، عائدة إلى منزلها في صنعاء، قبل أن تطاردها مجموعة من الكلاب المتوحشة وتحشرها في إحدى الأزقة بحي التحرير.

تقول ذكرى لـ"المصدر أونلاين": "ذلك اليوم لا ينسى من ذاكرتي حيث هاجمتني كلاب مما تسبب لي بجروح مختلفة نتيجة العض، وجري اسعافي إلي المستشفى على الفور لئلا تسبب بفيروس "داء الكَلَب".

 

صارت الكلاب ظاهرة يومية في شوارع العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فعندما يسدل الليل ستاره، يتصاعد نباح الكلاب الجائعة، معكرةً هدوء ليالي صنعاء الباردة.

 

وقد اعتاد سكان الأحياء المكتظة على ذلك الإزعاج، ويمثل الهدوء المتقطع لهم مشكلة خطيرة، حيث لا يكاد يخفت نباح الكلاب حتى تسمع صيحات بشرية خائفة، ضحية جديدة للكلاب المشردة.

 

ولا يقتصر الأمر على الإزعاج وهجمات الكلاب الليلية فقط، بل تعدى ذلك إلى مخاطر كبيرة تهدد السكان وخاصة الأطفال والنساء الذين يتعرضون لعضات شرسة بالإضافة إلى الخوف والرعب من الخروج إلى الشارع خاصة في أوقات الصباح الباكر والتي تمثل عادة موعد الذهاب للمدرسة أو العمل.

 

"عبدالله المحويتي"، طفل في ربيعة السادس، كان ذاهباً إلى المدرسة القريبة من منزله في أحد الشوارع الفرعية بمنطقة حدة جنوب صنعاء، قبل أن تعترض طريقه مجموعة من الكلاب في ساعات الصباح الباكر، ويتمكن أحدها من عضه في الفخذ اثناء فراره.

 

أكدت عائلته لـ"المصدر أونلاين" أنه "لو لا تدخل بعض سكان الحي لأصبح ابننا عبدالله فريسة للكلاب".

 

يرقد الطفل حالياً في المستشفى لتلقي العلاج، فيما يجري البحث عن اللقاح "داء الكلب" والذي اصبح نادراً في صنعاء، منذ ازدهار واكتظاظ شوارع المدينة بمئات الآلاف من الكلاب وفق مصادر محلية.

 

ولا يخفي سكان صنعاء خوفهم المصحوب بالسخط من السلطات الحاكمة للمدينة، فحياة أطفالهم اصبحت في خطر، واضطر معظمهم لمرافقة أبنائهم صباح كل يوم إلى المدرسة، حتى لا يكونوا ضحية يضافوا إلى قائمة طويلة من ضحايا الكلاب المسعورة.

 

وفيات وإصابات بداء الكَلَب

تقدر الإصابات بداء الكلب في صنعاء بالآلاف وفقا لتقديرات مصادر محلية وطبية، وأسفرت بعض العضّات عن وفيات معظمهم من الأطفال والنساء، ولا توجد إحصائية دقيقة، غير أن السلطات الصحية في صنعاء، أفادت بتسجيل 18 حالة وفاة بداء الكلب، وإصابة نحو 7 آلاف شخص آخرين بالداء خلال العام الماضي 2018، في ظل انهيار معظم القطاع الصحي منذ سيطرة الحوثيين قبل خمس سنوات.

 

وخلال العام 2017 بلغت عدد الإصابات بداء الكلب 14 ألف شخص توفي منهم حوالي 50 شخصاً، وتعرض أكثر من 10 آلاف شخص لعض الكلاب في 11 محافظة، ما تسبب في وفاة 49 شخصا، وفق تصريح صحفي سابق لمدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب التابع لوزارة الصحة.

 

 وأعلنت السلطات الصحية التابعة للحوثيين مؤخراً، تسجيل 50 حالة وفاة نتيجة داء الكلب وتسعة آلاف و498 حالة إصابة بعضات الكلاب خلال سبعة أشهر من العام الجاري 2019، وهي مجمل الحالات التي وصلت إلى المرافق الصحية.

 

ويوجد في صنعاء مركز صحي واحد متخصص بداء الكلب في المستشفى الجمهوري، لكنه يعاني من انعدام اللقاحات والتي "نهبت السلطات الحوثية" المخصصات المالية لها، وفق تصريحات لعاملين فيه نقلتها وسائل إعلام.

 

وتشكل أدوية اللقاحات من "داء الكلب" عبئا كبيرا على الموطنين في ظل عدم توفرها بشكل مجاني في المستشفيات الحكومية، ويبلغ قيمة الجرعة الواحدة سبعة ألف ريال يمني (13 دولار أمريكي) ويحتاج الشخص المصاب إلى خمس جرعات على الأقل تستمر شهراً كاملاً بدءاً من لحظة الإصابة، وإلا فإن مضاعفات الداء تؤدي للوفاة، وهو ما يحدث للفقراء الذين لا يستطيعون توفير تكاليف العلاج والمستشفى.

 

وراجت مؤخراً المتاجرة باللقاحات في الصيدليات، بالتزامن مع ارتفاع عدد حالات الاصابة بعضات الكلاب.

 

 

ووفق أفادت أحد المسؤولين في مركز داء الكلب بالمستشفى الجمهوري نقلته قناة DW عربية، فإنهم يستقبلون يوميا ما بين 20 إلى 30 حالة إصابة.

 

 

ويرجع السكان ذلك إلى تراجع عمليات "مكافحة الكلاب الضارة"، وعدم اهتمام السلطات المعنية التابعة للحوثيين بحياة الناس.

 

 

الحملات الغير كافية

وخلال شهري مارس وسبتمبر الماضيين، نفذت الإدارة الخاصة بمكافحة الكلاب، حملات عدة في صنعاء، وأعلنت سلطات الحوثيين أنها قضت على أكثر من 6 ألف كلب، لكن هذا غير كاف وفق الأهالي، حيث ما زالت الكلاب بأعداد مهولة تشاهَد في الشوارع والاحياء المختلفة بصنعاء. وتقدر بعشرات أو مئات الالاف وفق السكان.

 

 

وتتحج الادارات المعنية بمكافحة الكلاب، بأن المواد التي تستخدم في القبض وقتل الكلاب (إبرة التخدير والسم الذي يضاف لطعام الكلب لموته) غير متوفرة، وأن الميزانية المالية لا تكفي لإخلاء جميع أحياء صنعاء من الكلاب المسعورة.

 

ويعتقد الكثير من السكان أن مشكلة الكلاب، مرتبطة بالمشاكل الأخرى التي باتت مظهراً عاماً للحياة في المدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ويرى آخرون أن سلطات الجماعة تتجاهل عملية مكافحتها ولا تكترث بحياة المواطنين.

المصدر أونلاين