جاكرتا

هذه هي الأخطار البيئية المحتملة لمشروع نقل العاصمة الإندونيسية

يحذر خبراء بيئيون من أخطار محتملة لمشروع نقل العاصمة الإندونيسية من جاكرتا إلى بورنيو، مؤكدين أنه لن يكون حلا للكوارث التي تواجه هذه المدينة الضخمة وقد يؤدي حتى إلى أزمة بيئية جديدة في منطقة تضم غابات مطيرة وحيوانات مهددة بالانقراض.

 

فقد أعلن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو يوم الاثنين 2 سبتمبر 2019 أن موقعا في شرق جزيرة بورنيو اختير لنقل العاصمة السياسية للبلاد اليه، وذلك بديلا من جاكرتا، المدينة الضخمة المكتظة والمهددة بارتفاع مستوى المياه.

وأوضح أن الموقع اختير أولا "لأنه ليس معرضا كثيرا للكوارث الطبيعية" مثل الفيضانات والهزات الأرضية وموجات تسونامي وثوران البراكين، علما بأن جزءا كبيرا من الأرخبيل الإندونيسي يقع على حزام نار المحيط الهادئ.

وتتعرض جاكرتا، المدينة الكبيرة التي توسّعت في موقع باتافيا، العاصمة القديمة التي أنشأها المستعمرون الهولنديون قبل قرابة 500 عام، لغرق جزء من أراضيها تحت المياه.

وفي ظلّ الوتيرة الحالية التي تسرعها ظاهرة التغير المناخي، قد يغرق ثلث المدينة بحلول العام 2050. ويُضعف العاصمة تخطيط مدني سيّئ وواقع أن عددا كبيرا من السكان ليس لديهم شبكة امدادات مياه ويستخدمون المياه الجوفية ما يؤدي إلى انهيار أحياء بكاملها.

وتضاف الى هذه المشكلات زحمة السير الخانقة والتلوث وقد أعلنت الحكومة في أيار/مايو أنها ستختار هذا العام موقعا لعاصمة سياسية جديدة للبلاد.

ومن المقرر أن يبدأ بناء العاصمة الجديدة على الحدود الشرقية لبورنيو العام المقبل، ومن المتوقع أن يبدأ حوالي 1,5 مليون موظف مدني الانتقال إليها بحلول العام 2024، وستكون كلفة هذه العملية 466 تريليون روبية (33 مليار دولار).

وتعتبر ولاية كاليمانتان الشرقية الواقعة في جزيرة بورنيو التي تتقاسمها إندونيسيا مع ماليزيا وبروناي موطنا لنشاطات تعدين ضخمة وللغابات المطيرة على حد سواء، كما أنها من الأماكن القليلة التي تضم موائل طبيعية لقردة الأورانغ أوتان.

لكن شركات التعدين ومصانع زيت النخيل تهدد بيئة بورنيو وموائل الأنواع المهددة بالانقراض، وهي مشكلة قد تتفاقم إذا أنشئت مدينة كبرى قرب محمية رئيسية وفق ما تقول مجموعات بيئية.

تفاؤل حذر

وكانت هذه المنطقة ساحة لتسرب نفطي كبير العام الماضي.

وقال ناطق باسم الشبكة البيئية الإندونيسية "والهي" زينزي سوهادي "يرزح شرق كاليمانتان أصلا تحت ضغط بيئي ثقيل".

وأضاف "هناك المئات من منشآت التعدين والمصانع. عندما يزداد الضغط على المنطقة، هل سينقلون العاصمة إلى مكان جديد مرة أخرى؟".

وأعرب زعماء السكان الأصليين في بورنيو عن تفاؤل حذر بأن العاصمة الجديدة ستساعد المجموعات المهمشة وتدعم هذه المنطقة التي يسكنها حوالي 20 مليون نسمة اقتصاديا.

إلا أن يوليوس يوهانيس وهو أكاديمي وزعيم في مجموعة "داياك" العرقية "لكننا نشعر بالقلق أيضا... على غاباتنا التي كان دائما لدينا علاقة عميقة معها".

وتعهدت الحكومة الإندونيسية استثمار مليارات الدولارات لحل مشكلات جاكرتا وقالت إن الغابات البكر المحمية لن تتأثر بإنشاء العاصمة الجديدة.

وأعلن ويدودو أخيرا عن توقف الحكومة بشكل دائم عن إعطاء تصاريح جديدة تسمح بإزالة الغابات البكر بهدف الزراعة وقطع الأشجار للحصول على الأخشاب.

وأوضح سوهادي "رغم ذلك يبقى هناك خطر بأن تتأثر تلك الغابات".

وفي الوقت الذي تدمر فيه الحرائق غابات الأمازون المطيرة، نشرت إندونيسيا الآلاف لمكافحة حرائق الغابات السنوية التي غالبا تكون ناجمة عن حرق الأراضي لتنظيفها، وهي تجتاح مساحات شاسعة من الغابات وتتسبب في انبعاث أبخرة سامة فوق جزيرتي بورنيو وسومطرة.

فقد تسببت حرائق ضخمة في الجزيرة في تفشي الضباب الدخاني في أنحاء جنوب شرق آسيا في العام 2015 الامر الذي تسبب في أزمات دبلوماسية مع ماليزيا وسنغافورة المجاورتين، وربما تسببت أيضا في أكثر من 100 ألف حالة وفاة مبكرة، وفقا لدراسة أميركية.

وأشار المخطط العمراني نيروونو جوغا إلى أنه على الحكومة "أن تتخلى عن خططها لنقل العاصمة لأن ذلك لن يحل مشكلات جاكرتا".

وأظهر استطلاع حديث أن حوالي 95 % ممن شاركوا فيه عارضوا هذه الخطوة، كما أن البعض سخروا منها عبر الإنترنت واقترحوا أن يطلق على العاصمة الجديدة اسم "جوكوغراد" أو "سانت جوكوبرغ" في إشارة إلى طموحات الرئيس الضخمة.