محادثات السويد

مجموعة الأزمات الدولية تقترح هذا الحل لإنقاذ اتفاق ستوكهولم ومنع اندلاع "حريق أوسع" في اليمن

قالت "مجموعة الأزمات الدولية" إن ضعف الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الأمم المتحدة في اليمن في حاجة ماسة إلى "حقنة دولية في الذراع" لإزالة العقبات التي تعترض تنفيذ اتفاق ستوكهولم، الذي يشكل الاتفاق الفرعي على نزع السلاح من مدينة الحديدة وموانئها جوهرها. وفي تقرير مطول أصدرته المجموعة مؤخراً، تحت عنوان "إنقاذ اتفاق ستوكهولم وتجنب اندلاع حرب إقليمية في اليمن" تناولت الأزمة في اليمن مقترحة عدة حلول.

 

وقالت المجموعة في التقرير الذي ترجمه "المصدر أونلاين" إن اليمن أصبح رهينة للتوترات الإقليمية بشكل متزايد، في حين أن الاستقرار الإقليمي أصبح بشكل متزايد مرهون بما يحدث في اليمن، مضيفة أنه، ولهذه الأسباب وحدها، ينبغي للجهات الفاعلة الدولية أن تجعل من حماية اتفاق استكهولم أولوية؛ واستخدامه كمحور لمحادثات سياسية أكثر شمولا؛ وكجدار حماية، قدر الإمكان، من ما يحدث بين إيران من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين من جهة أخرى.

 

ومع تصاعد التوترات الإقليمية واحتمال اندلاع حريق أوسع نطاقاً، يقول التقرير، هناك حاجة ملحة إلى مشاركة دولية، ويلزم بذل جهدين متوازيين، يركز الأول على إنقاذ اتفاق ستوكهولم، والثاني على وقف الهجمات عبر الحدود بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية. ويتعين على الجهات الفاعلة الدولية، ولا سيما الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، اغتنام المبادرة، وإحياء دعمها النشط للوساطة التي تقودها الأمم المتحدة، والضغط على الأطراف للتخفيف من حدة التصعيد.

 

على المسار الأول، يضيف التقرير، ينبغي للمفاوضين أن يسعوا إلى التوصل إلى حل وسط يسمح للطرفين بتجاوز اتفاق ستوكهولم، وأبعد من الحديدة، للتركيز على تسوية سياسية أوسع نطاقاً، ويتبع ذلك وضع شروط دنيا متفق عليها بصورة متبادلة لتنفيذ الاتفاق، وبالنظر إلى الخلافات بين الجانبين، من المرجح أن يعني ذلك فهماً أكثر محدودية على المدى القصير لما يجب أن يحدث في الحديدة، مما يترك المفاوضات بشأن تنفيذ بقية الاتفاق لتمضي قدماً كمجموعة فرعية من محادثات السلام الأوسع نطاقاً أو موازية لها.

 

وأشار التقرير إلى أن المسألة الأكثر إثارة للجدل، التي تركها اتفاق استكهولم غامضة نسبيا، تتعلق بهوية قوات الأمن المحلية، التي ترتبط بمسألة السيادة؛ حيث لم يقم أعضاء لجان اعادة الانتشاربحل هذه المشكلة ولم يتمكنوا من حلها.

 

وقال إنه لوحظ سعي وسطاء الأمم المتحدة إلى تجنب هذه المسألة، وذكروا صراحة أن هوية قوات الأمن المحلية لا تخل بمسألة السيادة النهائية لكن الحكومة ترفض الآن هذه النتيجة، وبعد أشهر من الخلافات، من غير المرجح أن تتفق على حل شامل لقوات الأمن المحلية على المدى القصير.

 

ومع ذلك، وبتأييد دولي، يقول التقرير، قد يكون الحل الجزئي للفجوة، لكل مدينة الحديدة أو جزء منها، قابلاً للتحقيق؛ فعلى سبيل المثال، يمكن للطرفين أن يتفقا على تنفيذ المرحلة الأولى من عمليات إعادة الانتشار قيد المناقشة - الموانئ الثلاثة والجزء المتعلق بوصول المساعدات الإنسانية، كوسيلة للتمحور حول محادثات سلام أوسع نطاقاً - مما يترك المرحلة الثانية (التي تركز على بقية المدينة) في وقت لاحق. 

 

ولا يتطلب تنفيذ المرحلة الأولى اتفاقاً شاملا بشأن قوات الأمن المحلية، لكنه ينطوي على اتفاق على آلية مراقبة ثلاثية تشمل الحوثيين والحكومة اليمنية والأمم المتحدة، فضلاً عن الاتفاق على هوية قوات الأمن المحلية في مناطق المرحلة الأولى، وخطة لكيفية التعامل مع الإيرادات من الموانئ.

 

وكجزء من هذا الحل الوسط، لن يتم تأمين هذه المناطق من قبل قوات ما قبل عام 2014 (الموقف المعلن للحكومة) ولا من قبل القوى الموجودة اليوم (وجهة نظر الحوثيين الضمنية). وبدلاً من ذلك، يمكن للأمم المتحدة أن تفحص قوات الأمن المحلية الحالية للتأكد من أنها أفراد مدربون تدريباً مهنياً وأن يكون كبار قادتها من ذوي الرتب في الأجهزة العسكرية والأمنية قبل عام 2014. 

 

بحسب مجموعة الأزمات، قد يكون من الأسهل على الطرفين قبول اتفاق محدود كهذا لأنه يتعامل مع مجموعة فرعية صغيرة من قوات الأمن في المدينة وجزء محدود من المدينة، مما يجعل الأمم المتحدة أكثر جدوى ويجنب التصورات بأنها خطة شاملة ونهائية. ويحتاج الحوثيون، الذين يشعرون بالقلق من الفجوة بين المرحلتين الأولى والثانية من التنفيذ، إلى الشعور بأن الموانئ لن تكون عرضة للهجوم من القوات التي لا تزال متمركزة شمال المدينة بعد المرحلة الأولى من إعادة الانتشار، وتأكيدات من الدول الخمس المعنية بأن مرحلة التنفيذ الاولى لن تقود الحكومة إلى السعي لتحقيق ميزة عسكرية. وقد يكون من الأسهل إقناع الحوثيين بذلك الآن بعد أن انسحبت الإمارات جزئياً من جبهة ساحل البحر الأحمر.

 

ويستطرد التقرير: لإقناع الطرفين، ستحتاج الأمم المتحدة إلى مساعدة دبلوماسية قوية. وقد أثبتت مجموعة الخمس في الماضي أنها يمكن أن تكون فعالة عند العمل معاً بشأن اليمن؛ وفي الآونة الأخيرة، بدا أنهم توصلوا إلى اتفاق في 10 حزيران/يونيو عندما أصدر مجلس الأمن بيانا يؤيد غريفيث، يدعو إلى تنفيذ اتفاق ستوكهولم وإيجاد حل سياسي للحرب، وينبغي الآن دعم هذه التعبيرات عن توافق الآراء الدولي بإجراءات ملموسة، وعلى وجه التحديد، يمكن للدول الخمس أن تنشئ مجموعة اتصال على مستوى السفراء والوزارة للعمل جنباً إلى جنب مع المبعوث الخاص، تضم، بالإضافة إلى ذلك، الاتحاد الأوروبي وربما عُمان في دعم الأدوار، إلى جانب دول أخرى مقبولة لدى كليهما، وسيكون تجنيد الدول الخمس مهماً نظراً لعدم الثقة التي يشعر بها الحوثيون تجاه المجموعة الرباعية - وهي المجموعة المؤلفة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التي تهدف حالياً إلى القيام بدور قيادي في الجهود المتعددة الأطراف لإنهاء الحرب. وعلى النقيض من ذلك، من المرجح أن يشعروا بمزيد من الراحة مع روسيا والصين في هذا المزيج.

 

أما المسار الثاني، الذي يهدف إلى تخفيف التصعيد العسكري بين المملكة العربية السعودية والحوثيين، تقترح المجموعة أن يسعى إلى تجميد متبادل: وقف الهجمات الحوثية عبر الحدود مقابل وقف أو تخفيض كبير في الضربات الجوية السعودية ضد أهداف الحوثيين. وسيتطلب ذلك مشاركة مباشرة بين الطرفين، بما في ذلك على الأرجح عقد اجتماعات مباشرة بين كبار الحوثيين والمسؤولين السعوديين.

 

وكان الحوثيون قد أشاروا في السابق إلى اهتمامهم بمثل هذه الصفقة؛ وقد عارض المسؤولون السعوديون ذلك، على أساسين. أولاً، على المستوى العملي، يقولون إن هذا من شأنه أن يعطي الحوثيين ميزة كبيرة جداً في معركتهم ضد القوات الحكومية الأقل قدرة. ثانياً، يرفضون أي معادلة بين أفعال جهة فاعلة غير حكومية تهدد دولة ذات سيادة وأفعال دولة تستجيب للدعوة المشروعة للحكومة اليمنية. وهناك العديد من العقبات الأخرى التي تقف في طريق ذلك: فقد لا يوافق الحوثيون على أي شيء أقل من الوقف الكامل للغارات الجوية السعودية، وهو ما قد ترفضه الرياض، وقد تعمل عناصر الحوثيين الأكثر تشدداً كمفسدين وتقاوم مثل هذا التهدئة.

 

وتقول المجموعة إن من بين جميع السيناريوهات بالنسبة لليمن، فإن الأرجح ينطوي على تدهور الوضع الراهن: استمرار الركود في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، وتمديد الحرب داخل اليمن وخارجه، والإضرار بمصداقية الأمم المتحدة وفعاليتها، وتعميق الحوثيين الاعتماد على إيران، وقد اشتد القتال بالفعل في مناطق مختلفة من البلاد، مثل الضالع في الجنوب، وحجة على الحدود الشمالية، مما أدى إلى إبعاد بعض قوات خط المواجهة عن الحديدة، ويمكن أن يستمر هذا الاتجاه، مما يزيد من تفاقم حالة السكان المدنيين في اليمن.

 

وتضيف أن أكبر خطر على اتفاق ستوكهولم، بل وعلى احتمال التوصل إلى تسوية سياسية شاملة وعلى الاستقرار الإقليمي، قد يكون الهجمات عبر الحدود بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أنه بصرف النظر عن الدوافع المعلنة، فإن هذه الهجمات قد تؤدي إلى جر اليمن إلى عمق السياسة الإقليمية وإلى اندلاع حريق إقليمي أوسع نطاقاً.

 

وتشير إلى أن الخطر الكامن في مثل هذه الدورة التصعيدية واضح؛ فاستمرار مهاجمة الحوثي لهدف سعودي مثل خميس مشيط يمكن أن يدفع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى الانتقام المباشر من إيران، كما يمكن أن يحدث مثل هذا الهجوم المضاد في اليمن، مما يدفع الولايات المتحدة إلى مزيد من التعمق والصراحة في الصراع.

 

وجوهر المسألة هو مسألة علاقات الحوثيين مع طهران، ولا شك في أن إيران قد قامت بتسليح وتدريب الجماعة المتمردة، وأن علاقاتها لم تنمو إلا مع تقدم الحرب، وبالمثل، من المعقول تماماً أنه مع تشديد العقوبات الأمريكية وجدت إيران نفسها تحت ضغط متزايد، وشجعت طهران الحوثييين على تصعيد هجومهم على المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، فإن الحوثيين لديهم جدول أعمال خاص بهم. ويعتقد هؤلاء منذ فترة طويلة أن النزاع لن ينتهي إلا من خلال المحادثات المباشرة مع الرياض، ويرون أن الضغط العسكري على المملكة العربية السعودية هو نقطة هامة في إجراء هذه المناقشات.

 

وقال التقرير -سينشر المصدر أونلاين ترجمة نَصّه الكامل في وقت لاحق-: هذه مناورة محفوفة بالمخاطر للغاية، ومثلما كان لإفراط المملكة العربية السعودية في الاعتماد على الضغط العسكري عكس تأثيره المقصود - فقد طور الحوثيون قبضتهم على الأراضي التي يسيطرون عليها وأصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على الدعم الإيراني - فإن الهجوم عبر الحدود تصعيد يهدد بتقويض فرصهم في التوصل إلى تسوية سياسية مع المملكة العربية السعودية.

 

وإذا كانت الحرب في اليمن تنطوي على إمكانية إثارة مواجهة إقليمية أوسع نطاقاً، فقد يكون للتطورات الإقليمية أيضاً تأثير خطير على الحرب اليمنية. ويقول المسؤولون الإيرانيون إنهم يتوقعون من حلفائهم الإقليميين، بمن فيهم الحوثيون، أن يأتوا لدعمهم إذا تصاعدت التوترات وكان هناك هجوم بقيادة الولايات المتحدة على الأراضي الإيرانية. وقد حذر المسؤولون الحوثيون أنفسهم من "حرب كبيرة" في المنطقة يقولون فيها إنهم سينضمون إلى جانب "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، إذا لم تنته الحرب اليمنية بحلول ذلك الوقت. من الصعب أن نرى كيف سيستفيد الحوثيون، ناهيك عن الشعب اليمني ككل.

 

وتختم المجموعة تقريرها بالقول إن الوقت هو الأساس؛ وقد تراجع التهديد بشن هجوم على الحديدة في الوقت الراهن، لكن كل يوم يمر دون إحراز تقدم في تنفيذ اتفاق ستوكهولم يعطي ذلك التهديد حياة جديدة، وفي كل مرة تصل فيها طائرة بدون طيار أو صاروخ من الحوثيين إلى الأراضي السعودية، يزداد خطر المواجهة الإقليمية الأوسع بشكل متناسب، وستكون كلتا النتيجتين مأساويتين، ولكن لا يزال من المتمكن تجنبهما.