صفقة غاز مسال

أضخم صفقات الغاز المسال.. ماذا يعني توجه السعودية لشراء أطنان من الغاز الطبيعي الأمريكي؟

في علامة على تغير ثروات الطاقة، أعلنت شركة «أرامكو» السعودية توقيع اتفاقية ابتدائية ضخمة، الأربعاء 22 مايو/أيار 2019، لشراء 5 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً من Port Arthur، وهو مشروع تصدير يقع في ولاية تكساس الأمريكية ولا يزال قيد الإنشاء. 

وتقول شبكة CNN الأمريكية، إنه إذا اكتمل اتفاق الشراء من شركة (Sempra Energy (SRE -التي يقع مقرها في مدينة سان دييغو بكاليفورنيا- فسيكون واحداً من أضخم صفقات الغاز المسال الموقعة على الإطلاق، وفقاً لشركة Wood Mackenzie العالمية للاستشارات.      

وبموجب الصفقة، ستضخ أرامكو، دُرة التاج السعودي، دفعة نقدية قوية إلى شركة Port Arthur development مقابل تملُّك حصة قيمتها 25% من المشروع.

السعودية تدخل سوق الغاز الأمريكي المسال بقوة

وقال إيرا جوزيف، رئيس قطاع الغاز والطاقة في شركة S&P Global Platts البريطانية: «هذا تصريح قوي عن دخول السعوديين سوق الغاز الطبيعي المسال، وإلى أي مدى تبدو النظرة المستقبلية عن أسعار الغاز الأمريكي تنافسية». 

وعلى الرغم من أنَّ الاتفاقية تنص على شراء السعودية الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، يقول جوزيف إنه من المستبعد أن يؤول الأمر إلى استخدام الغاز لسد احتياجات المملكة الضخمة من الكهرباء. والأرجح أنها ستحاول إيجاد مشترين للغاز من أمريكا الجنوبية وأوروبا.         

من جانبه، كتب جيل فاريه، مدير الأبحاث في شركة Wood Mackenzie، في تقرير: «نتوقع أن تستخدم أرامكو السعودية هذا الكم لتأسيس محفظة أعمال خاصة بها في مجال الغاز، في إطار سعيها لتصبح فاعلاً عالمياً في هذا المجال».      

الاستثمار السعودي تعويض عن صداع الحرب التجارية 

تُعد أرامكو أضخم شركة نفط في العالم، وتمتلك أكبر معمل تكرير في الولايات المتحدة، الذي يقع في مدينة بورت آرثر. لكن أرامكو بدأت لتوّها في إيجاد موطأ قدم لها في مجال الغاز الطبيعي المسال.      

إذ قال أمين ناصر، المدير التنفيذي لشركة أرامكو، في بيان: «نرى فرصاً بارزة في السوق، وسنواصل السعي لعقد شراكات استراتيجية تمكننا من الإيفاء بالطلب العالمي المتزايد على الغاز الطبيعي المسال». 

يُشار إلى أنَّ ثورة النفط الصخري جعلت الولايات المتحدة أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وهو اللقب الذي تحتفظ به منذ عام 2009 بعد أن تفوقت على روسيا. 

وأصبح لدى الولايات المتحدة الكثير من الغاز الطبيعي حتى أنَّ معظمه يُحوَل إلى الغاز المسال، حيث يكون الوقود عند درجة عالية التبريد تسمح بنقله بالسفن إلى الخارج. وتحولت دول مثل الصين وغيرها من الدول النامية إلى استخدام الغاز المثالي بوصفه بديلاً أنظف للفحم.    

ويمكن أن يشكل الدعم من السعودية الثرية تعويضاً لواشنطن عن الحرب التجارية التي تواجه صناعة الغاز الطبيعي المسال الأمريكي رياحها المعاكسة.

العلاقات المتوترة

إلا أنَّ العلاقات الصينية الأمريكية، والعلاقات السعودية الأمريكية كلتاهما متوترة. إذ فرضت الصين تعريفة قيمتها 10% على واردات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي في سبتمبر/أيلول الماضي. وفي وقت مبكر من الشهر الجاري، ردت الصين على التعريفة الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على بضائعها، برفع التعريفة الجمركية على الغاز المسال الأمريكي إلى 25%. وفي المقابل، نجا النفط الأمريكي من سخط التعريفات الصينية -أو على الأقل إلى الآن.     

أما السعودية فقد اتُّهِمَت حكومتها بإصدارها الأمر بقتل الصحفي جمال خاشقجي، وأدان الكونغرس الأمريكي كذلك الحرب الذي تخوضها الرياض في اليمن. وفي هذا الإطار، تواجه شركة Sempra  وغيرها من الشركات التي تجري استثمارات مع السعودية خطر الانتقاد. ولم ترد Sempra على طلب التعليق على مخاوف شراكتها مع السعودية.

شركات النفط الحكومية تحمي محافظ أعمالها

تساعد شركات النفط الأجنبية في تسريع تحول الولايات المتحدة إلى قوة دينامية للغاز الطبيعي المسال. 

وفي هذا الصدد، دخلت شركة (ExxonMobil (XOM في شراكة مع شركة قطر للبترول المملوكة للدولة لتطوير محطة Golden Pass للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع تصدير يقع في حي سابين باس في ولاية تكساس. ومن المخطط أن ينتهي هذا المشروع، الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار، في عام 2024، ويُتوقَع أن تصل طاقته في النهاية إلى تصدير 16 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً.      

وتعد هذه الصفقات دليلاً إضافياً على أنَّ الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تسعى لتحصين نفسها ضد الخسائر، وهو ما يرجع نسبياً إلى المخاوف المتزايدة إزاء التغير المناخي.  

وقال فاريه: «مع تزايد تحولات الطاقة، تعمل (شركات النفط الوطنية التي ترتكز على النفط) على تنويع المخاطر بعيداً عن النفط إلى الغاز والغاز الطبيعي المسال».  

وأضاف فاريه أنَّه أشيع أنَّ أرامكو مهتمة أيضاً بعقد صفقات غاز طبيعي مسال مع أستراليا والمنطقة القطبية من روسيا وغيرها من الأسواق الكبرى الأخرى. 

أما بالنسبة لشركة Sempra، فيُحتمل أنَّ تعزز صفقة أرامكو الثقة في مشروع Port Arthur، وهو واحد من 5 مشاريع تطوير لإنتاج الغاز الطبيعي المسال تعمل عليها الشركة في أمريكا الشمالية.     

من جانبها، رجحت شركة Wood Mackenzie أنَّ مشروع Port Arthur تعاقد الآن على حجم صادرات تكفي لتأمين تمويل لديونه. ويمكن التوصل إلى قرار استثماري نهائي بنهاية عام 2019، أو بحلول مطلع 2020.