زعماء دول عربية

صحيفة أمريكية تكشف: تحالف جديد غير رسمي بين 6 دول عربية.. تفاصيل

ترجمة "كيو بوست" عن صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية، بقلم تيلور لاك

 

في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من العراق إلى شمالي إفريقيا، هنالك توافق غير رسمي جديد بين الدول العربية السنية يؤثر في مختلف تطورات المنطقة بهدوء.

 

يتألف التحالف الصاعد من السعودية، والإمارات، والبحرين، والكويت، والأردن، ومصر، وأصبح لاعبًا بارزًا في العالم العربي. هذا التحالف غير الرسمي صاحب صوت مسموع حول قضايا مختلفة، أهمها سوريا ما بعد الحرب، وإعاقة مساعي إيران، ومقترحات دبلوماسية حول اليمن، والنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي.

 

ونشأ هذا التحالف الجديد في وقت يتآكل فيه تأثير ونفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ويتضاءل فيه الانخراط الأمريكي في المنطقة بشكل عام. وقد أدركت دول التحالف ضمنيًا أهمية هذا التقارب الشديد في سياساتها في ظل التحديات والأوضاع الراهنة المتقلبة.

 

ليس لدى هذا التحالف اسم رسمي، لكن الناس يشيرون إليه شفهيًا باسم “الدول الست” أو “الدول الكبرى” أو “الدول الست الكبار”. وفي مقالنا هذا، سنسميه بـ”الست الكبار”. في الحقيقة، يتكون التحالف من دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء قطر وعُمان، إلى جانب الأردن ومصر.

 

كل دولة من هذه الدول تمنح التحالف نقاط قوة فريدة: السعودية تقدم نفوذ ثروتها النفطية ووصايتها الدينية على مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتجسد الإمارات قوة عالمية اقتصادية وتتمتع بجيش متطور جدًا وثروة نفط وغاز هامة، فيما تمتلك البحرين والكويت ثروة هائلة واستثمارات في جميع أنحاء المنطقة، بينما يعدّ الأردن بوابة جغرافية وثقافية إلى بلاد الشام، أما مصر فهي أكثر الدول العربية اكتظاظًا بالسكان وموطنًا لـ25% من مجموع المواطنين العرب.

 

ما وراء التحالف الجديد؟

تكوّن هذا التحالف غير الرسمي من أجل صد النفوذ الإيراني المتنامي في الدول العربية بالدرجة الأولى، فضلًا عن قضايا أخرى هامة. إن تحالف الست الكبار هو أولًا وقبل كل شيء تحالف سني عربي يسعى إلى العمل كحصن منيع ضد إيران، وينسق السياسة الخارجية العربية، ويمنع النفوذ والتأثير الزاحفين من لاعبين إقليميين غير عرب مثل تركيا. تشعر الدول الست بقلق متزايد من النفوذ الإيراني في العالم العربي منذ حرب العراق عام 2003، لكن المخاوف أصبحت عميقة بشكل أكبر بعد أن عززت طهران من وجودها العسكري في سوريا في أعقاب الحرب الأهلية 2011.

 

ترى دول التحالف أن “الهلال الشيعي” الممتد ما بين إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن بات يطوقها بشكل متزايد وتدريجي. وربما الأكثر إثارة للقلق هو قيام الميليشيات الموالية لإيران في دول المنطقة بتثبيت صواريخ بالستية قادرة على ضرب العواصم العربية.

علاوة على ذلك، تتحد دول التحالف في عدم ارتياحها إزاء التدخلات التركية في العالم العربي، إذ أدرك الكثيرون أن أنقرة تتطلع إلى إحياء مجد الإمبراطورية العثمانية، على حساب سيادة الدول العربية. في الواقع، لم تغفر الدول الخليجية ولم تنس دعم الرئيس التركي للمجموعات الإسلامية التي سعت إلى قلب أنظمة عدد من الدول العربية، في الوقت الذي تستضيف فيه أنقرة المتطرفين من الإخوان المسلمين. ومن الملاحظ أن دول هذا التحالف تدعم كذلك مواصلة مقاطعة قطر بسبب عدم رغبتها بإيقاف تقاربها غير المبرر مع إيران وتركيا.

 

 

هل يشكل التحالف قوة عسكرية؟

لم تسع هذه الدول إلى تشكيل قوة عسكرية رسمية في الوقت الحالي، لكنها تستخدم دبلوماسيتها ونفوذها وتأثيرها وثرواتها وعلاقاتها مع الغرب من أجل الضغط على الميليشيات والمجموعات السياسية الإسلاموية وحتى رجال القبائل من أجل إبعادهم عن طهران وأنقرة، وحثهم على الالتزام بالسياسة الخارجية العربية العامة.

تعتقد هذه الدول بأن الدبلوماسية الهادئة والضغوط الاقتصادية والاستثمارات من شأنها أن تحقق الانتصار، وأن تعزل التأثير الإيراني عن الدول العربية ولو كان ذلك بشكل بطيء. إنها لعبة طويلة من أجل الفوز بالقلوب، بدلًا من استخدام العنف للقضاء على النفوذ الإيراني بشكل سريع. ومع ذلك، فإن عسكرة الخليج لا تتباطأ اعتقادًا من هذه الدول بأن “ليس هنالك جزرة كاملة بدون عصا كبيرة”.

 

 

هل هذه الدول مؤثرة؟

على الرغم من أن تأثير هذا التحالف غير الرسمي غير مرئي من الغرب بشكل كبير، إلا أن تأثير الدول الست على الأرض في العالم العربي مثير جدًا؛ فعلى سبيل المثال، بعد أن منحت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مباركتهما لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة في يناير/كانون الثاني، زار الملك الأردني بغداد دون تردد. وقد وقّع جار العراق سلسلة من الصفقات لخفض الرسوم على السلع العراقية المستوردة عبر الأردن، كما أبرم اتفاقيات تجارة حرة ومناطق صناعية لخلق الآلاف من فرص العمل في العراق.

كما يمكن رؤية النهج المنسق المتقارب بين الدول الست في سوريا كذلك، إذ قررت المجموعة جلب بشار الأسد من البرد وإنهاء عزلته بعد 7 سنوات من بدء الحرب الأهلية السورية. وفي غضون شهر من إعادة فتح السفارة الإماراتية في سوريا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تبعتها البحرين والكويت كذلك، بينما أرسل الأردن قائمًا للأعمال إلى دمشق للمرة الأولى منذ 5 سنوات. ومع هذا الضوء الأخضر، عقد مستثمرون ومقاولون وأصحاب أعمال من هذه الدول الست مناقشات مع الحكومة السورية، بينما تستعد شركات الطيران العربية لاستئناف رحلاتها إلى سوريا.

يقول المطلعون إن هذا جزء من إستراتيجية منسقة؛ فعندما يقدم بشار الأسد دليلًا على تقليل النفوذ الإيراني، ستواصل المجموعة العربية تقديم التطبيع والتمويل، وإذا لم يتخذ الأسد تدابير لبناء الثقة، ستجمد الكتلة العربية العلاقات في أي لحظة.

ويضيف أحد العالمين ببواطن الأمور: “برغم عدم الإعلان عن ذلك بشكل رسمي من أي دولة في التحالف، إلا أن هذه الدول العربية تعمل كمجموعة واحدة ووفق إستراتيجية ضمنية منسقة”. ووفقًا له، “إذا عملتَ في تناغم مع السياسة العربية العامة، فستدعمك هذه الدول وتعانقك، وإن لم ترتق في سياساتك، فسيتم حظرك من طرفها جميعًا”.

تأسس هذا التحالف غير الرسمي من الدول العربية الست كرد فعل على النفوذ الأمريكي المتقلص في المنطقة، لا سيما أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ترددت في اتخاذ إجراءات أقوى ضد إيران ووكلائها خارج نطاق العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية. من شأن الدول الست الكبار أن تخلق جبهة عربية موحدة أكثر في المنطقة، بدءًا من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وانتهاءً بإيران.

 

من المتوقع أن تتوسط الأردن ومصر الاتفاق المقبل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بينما تسعى السعودية إلى تسوية الحرب الأهلية اليمنية. علاوة على ذلك، تلعب مجموعة الست الكبار دورًا حيويًا من وراء الكواليس لتحقيق نتيجة مستقرة للجمود السياسي والعسكري في ليبيا.