جيتي

في يوم السكر العالمي.. "وجع مضاعف" في اليمن!

أوضاع معيشيّة ونفسيّة صعبة يعيشها الأطفال المصابون بمرض السكري وعائلاتهم في اليمن. إضافة إلى المرض، جاءت الحرب لتُفاقم معاناتهم وتزيد هموم عائلاتهم. اكتشفت والدة رفاء محمد (ست سنوات) أن طفلتها مصابة بالسكري بعدما أغمي عليها خارج المنزل. تقول أم رفاء، التي تسكن في صنعاء بعد نزوحها من تعز جراء الحرب: "أظهرت التحاليل الطبية إصابتها بالسكري من النوع الأول، ما فرض علينا مراقبتها واتّباع علاج منتظم كي لا تسوء حالتها. كان الخبر صادماً ولم نتوقعه". وتؤكد لـ "العربي الجديد" أنها لم تكن حينها تعرف معنى المرض ولا مضاعفاته الخطيرة، كما أنها لا تعرف شيئاً عن النظام الغذائي الذي يجب أن يلتزم به المريض، مضيفة: "نحتاج إلى دواء خاص وطعام خاص وتعامل مختلف مع الطفلة، وهذه أمور مرهقة. نحن نازحون وأوضاعنا المعيشية متدهورة، ومرض رفاء زاد من معاناتنا ومعاناتها. أكثر من مرة، لم يعد الأنسولين متوفراً في الصيدليات الحكومية، وكان علينا شراؤه من صيدليات خاصة وبأسعار باهظة، علماً أن زوجي لم يحصل على راتبه منذ أكثر من عام". 

تقول أمّ رفاء: "أشعر بحزن شديد حين أجد طفلتي محرومة من أبسط الأمور التي قد يطلبها طفل في مثل عمرها. تطلب مني إعطاءها الحلوى مثل بقية الأطفال، لكنني لا أستطيع ذلك على الرغم من بكائها الشديد. أحياناً، أعمد إلى إبعادها عن الأطفال، وأحرصُ على توفير بعض الحلويات المخصصة لمرضى السكري من حين إلى آخر، على الرغم من ارتفاع سعرها. كما أصنع لها الكعك في المنزل من دون إضافة السكر". 



المرض يجعل حياة الطفل إبراهيم البعداني (10 سنوات) تختلف عن حياة الكثير من أقرانه وأشقائه الأطفال. يقول والده لـ "العربي الجديد": "تغيّرت حياتنا تماماً بعدما اكتشفنا مرض إبراهيم، حتى أنّنا غيّرنا نوعية الطعام الذي نأكله كي لا يشعر بشيء. لكن متابعة وضعه الصحي مرهقة، خصوصاً في المدرسة"، لافتاً إلى أنه أبلغ إدارة المدرسة بوضعه لتتدارك أية مشاكل قد تحصل، والحرص على عدم تناوله الحلويات. 

ويشير البعداني إلى أنّ أسوأ ما كان يعاني منه طفله في السابق هو الحقن، لكنّه اعتاد عليها. ويقول: "سابقاً، كنتُ أشعر بالألم كلّما أعطيته الأنسولين. اليوم اعتاد على الأمر، ولم يعد يخشى الدم الناتج عن مكان وخز الإبرة"، لافتاً إلى أنه يحاول تعليم ابنه حقن نفسه بالأنسولين. 


من جهته، يؤكّد طبيب الأطفال في اليمن فهد محمود الصبري أن معاناة الأطفال المصابين بالسكري زادت نتيجة الحرب وزيادة عدد الفقراء. يضيف لـ "العربي الجديد": "إحدى المشاكل التي تواجه الأهل تتمثّل في عدم توفر الطاقة الكهربائية"، مشيراً إلى أنهم عاجزون عن حفظ الأنسولين بسبب انعدام الكهرباء. يتابع أنه يمكن للطفل المصاب بالسكري العيش بشكل طبيعي إذا استمر بأخذ جرعة العلاج بشكل منتظم ومن دون انقطاع، إضافة إلى "نظام غذائي دقيق وهذا صعب في الظروف التي يعيشها اليمن". 

إلى ذلك، يؤكّد رئيس الجمعية اليمنية للسكري الطبيب زايد عاطف، أن عدد الإصابات بمرض السكري بين الأطفال في اليمن تزايد بشكل غير مسبوق. ويقول لـ "العربي الجديد": "عدد الأطفال المسجّلين في مركز علاج السكّري في مستشفى الثورة في صنعاء يتجاوز الألف، وهؤلاء مصابون بالسكري من النوع الأول". ويشير إلى أن عدد المصابين بالسكري في اليمن يزداد، خصوصاً النوع الثاني، لتتجاوز نسبة المصابين 9 في المائة من السكان البالغين، أي نحو مليون مصاب. ويوضح أنّ هناك مشكلة تتمثل في عدم وجود مراكز متخصصة للعلاج. "يتوه المرضى بين الأطباء ولا يكون تسجيل أعداد المصابين دقيقاً". ويُعلن عن إطلاق خطة في اليوم العالمي للسكري، من خلال مسح شامل للمواطنين بشكل عام للتعرّف على معدل انتشار المرض من خلال عينة عشوائية وإجراء التحليلات. يشرح: "سينتشر الأطباء في المدارس الثانوية والمستشفيات والتجمعات السكانية للكشف على المواطنين ومعرفة مدى انتشار الأمراض المزمنة، خصوصاً السمنة وضغط الدم والسكري". 
 


يضيف: "معاناة مريض السكري للحصول على أدوية في اليمن شديدة. وعدد الذين يحصلون على الأنسولين من وزارة الصحة مجاناً قليل جداً مقارنة بعدد المصابين. أما الغالبية، فيشترون الدواء من السوق بأسعار باهظة"، مشيراً إلى أن أدوية السكري انعدمت تماماً مع بداية الحرب. أما اليوم، فباتت متوفرة بعد دعم المنظمات الدولية، "لكن عملية الصرف تقتصر على نوع أو نوعين. إلا أن بعض المرضى يحتاجون إلى أصناف أخرى، خصوصاً أن مريض السكري قد يصاب بارتفاع في الضغط ما يتطلب توفير علاج يتناسب مع حالته الصحية". ويوضح عاطف أن الكثير من مرضى السكري، ومنهم الأطفال، لجأوا إلى تقليل جرعات الدواء خلال الفترة الماضية، بسبب عدم توفر الأدوية أو ارتفاع أسعارها، ما انعكس سلباً على صحتهم وأدى إلى حدوث مضاعفات.