مرضى السرطان في اليمن

مرضى السرطان يخوضون حرباً أخرى مع "الدواء المفقود"

إب – موسي ناجي:

يعيش مرضى السرطان في اليمن حرباً أخرى مع الأدوية غير المتوفرة في صيدليات مراكز علاج الأورام الستة الحكومية في اليمن، وغير المتوفرة في صيدليات المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان (مؤسسة خيرية) بصنعاء وفروعها في عشر محافظات يمنية، ومنهم المريض معاذ الذي يتردد على المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بمحافظة إب (وسط اليمن)، منذ ثلاثة أشهر، من أجل الحصول على العلاج، لكنه لم يجد الدواء في المؤسسة التي كانت تمنح الدواء مجاناً لمرضى السرطان قبل أربعة أعوام، وفق تأكيد أحد أقاربه لـ”المشاهد”.


ويؤكد مدير المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان بمحافظة إب بليغ الطويل، أن عدد الحالات المصابة بالمرض والمقيدة رسمياً لدى المؤسسة، 2636 حالة، منها 370 طفلاً و600 حالة من النازحين إلى المحافظة.


ويتردد يومياً على مركز الأمل التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، ما بين 40 و50 حالة، بحسب الطويل الذي أكد أن 80% من أصناف أدوية السرطان غير متوفرة لدى المؤسسة، وغير قادرة على توفيرها.
ويستقبل مركز علاج الأورام بصنعاء 10 آلاف مريض بالسرطان من كل المحافظات البالغ عددها 21 محافظة يمنية، بحسب بيانات المركز.


لكن المركز الوطني لعلاج الأورام بصنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثي، بات عاجزاً عن توفير الأدوية للمرضى الذين يترددون على العلاج فيه، وتزويد بقية مراكز السرطان في خمس محافظات، بالأدوية.


وكانت منظّمة الصحة العالمية، أعلنت في العام 2017 تسجيل أكثر من 10 آلاف حالة في اليمن، 40% فقط من هذه الحالات تلقّت العلاج الكامل، بحسب المنظمة.
وتم تسجيل أكثر من 60 ألف مريض بالسرطان، 12% منهم من الأطفال.


وأثرت الحرب على المصابين بأنواع السرطان، بشكل كبير، في اليمن، بحسب المدير العام للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان في صنعاء الدكتور لبيب الأغبري، لـ”المشاهد”.


ويضيف الأغبري أن عجز المؤسسة عن تقديم الخدمات والرعاية للمرضى، يأتي بسبب توقف الدعم الرسمي ودعم القطاع الخاص، ما زاد من معاناة المرضى، مشيراً إلى أن غياب الأدوية من أكثر الصعوبات التي يواجهها مرضى السرطان في اليمن، في ظل ما تمر به البلاد من أوضاع مأساوية.


واقع الحال في مراكز مكافحة السرطان باليمن، تقلل من فرص شفاء الطفل أسامة (عامين)، المصاب بسرطان الدم، والذي يتلقى العلاج في المركز الطبي بمديرية أسلم في محافظة حجة (شمال غرب اليمن)، منذ 5 أشهر، بحسب أحد أقاربه، مشيراً إلى أن والد الطفل لم يتمكن من نقل طفله من حجة إلى مركز الأورام بصنعاء، نظراً لظروفه المادية الصعبة.


وبحسب أحدث إحصائيات للمؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، فإن 15000 مصاب بمرض سرطان الدم في اليمن تم رصدهم خلال النصف الأول من العام الحالي 2018. وتأتي محافظة تعز في المقدمة، حيث سجلت أعلى معدل إصابة بمرض السرطان في اليمن.


وكانت الحكومة اليمنية تعمل على توفير 12 مليون دولار للمركز الوطني لعلاج الأورام بصنعاء، كموازنة سنوية، غير أن المركز لم يتلقّ أي دعم حكومي منذ نحو أربعة أعوام، وبات معتمداً تماماً على الدعم الخارجي المحدود.


وأعلن المركز مراراً بأنه على وشك الإغلاق، وهي خطوة ستحرم الآلاف من المرضى من تلقّي العلاج الإشعاعي والكيماوي المنقذ للحياة.


وقال المدير العام للمركز الدكتور علي الأشول: “نحاول جاهدين إبقاء هذا الصرح الطبي مفتوحاً، لكننا لا نمتلك الأدوية الكافية، وليس لدينا أي خيار سوى مشاهدة المرضى وهم يفقدون حياتهم بسبب غياب العلاج”.


وأشار الأشول إلى أن “المرضى الفقراء يغادرون المركز ويموتون في بيوتهم، بسبب عدم قدرتهم على تحمّل تكاليف العلاج”.


ولا تقتصر التحديات التي تواجهها مراكز مكافحة السرطان، على نقص الأدوية والنفقات التشغيلية فقط، بل هناك تحدٍّ آخر، وهو مغادرة بعض اختصاصيي علاج الأورام إلى خارج اليمن، بسبب استمرار الحرب، وعدم دفع الرواتب، وانهيار الوضع الاقتصادي.


ويقول الدكتور بسام طالب، لـ«المشاهد» إن أبرز التحديات التي يعاني منها مرضى السرطان، هي النقص الحاد في الأدوية المساعدة، والأدوية الكيميائية، إضافة إلى أن المرضى من المناطق البعيدة الذين يترددون على وحدات المؤسسة في المحافظات، لا يستطيعون الالتزام بالمواعيد، بسبب عدم قدرتهم على توفير ثمن الوصول إلى مقر الوحدة.


ويؤكد الدكتور طالب: نحن في أمس الحاجة إلى توفير الأدوية الكيميائية، خصوصاً مع ازدحام المرضى في وحدات الأمل لعلاج مرضى السرطان في عدة محافظات.

 

المشاهد