قادة الهزيمة والمياه القذرة

في النهاية، غدا أو بعد أعوام عشرة، ستكون هذه الحرب قد أثخنت الجميع، بمعنى: جعلتهم جاهزين للسلم. 

اللاعبون الثلاثة في الحرب الهجينة سيتعين عليهم خوض مفاوضات تفضي إلى فتح باب للخروج.

 

هناك حرب ضارية في شبوة. استعدت الإمارات لتلك الحرب جيدا (هكذا تقول المعلومات). السعودية تتحرك بريبة، فهي تطلب من الرئيس الصمود في شبوة، ولا تفعل شيئا. ثمة أزمة حقيقية بين الدولتين، لكن الخوف من العار و"شماتة أبله طازه" هي ما يمنع خروج الأزمة للعلن. 

احتمالات بسيطة: أن تكسب الإمارات الحرب، أو أن تخسرها. 

إذا خسرتها فسيقف حلم الانتقالي عند نقطة العلم، على مدخل أبين. عقب ذلك ستبدو صدوع التحالف للعيان. تبدو الإمارات عازمة على الإيقاع بشبوة القريبة من مأرب، حيث جيش علي محسن الأحمر، الجنرال الذي لم يكسب حرب قط. يعتمد المقاتلون في شبوة على عشرات الدبابات ووعود سعودية. المهاجمون  رأوا وعد الإمارات في عدن، المدافعون شاهدوا ما فعلته السعودية في أبين. فاتحة المعركة مرة، ومآلها ربما لن يكون أقل مرارا. ومع صدوع العلاقات بين الحليفين ترغب الإمارات في  وضع يدها في الكرش، ثم ستعمل بعد ذلك على ترميم علاقتها بشقيقتها المعزولة..

 

شبوة هي عمران الجنوب، كما قال مسؤول حكومي. ولكن لماذا نندب ذهاب الجنوب إلى الانتداب الإماراتي؟  لأننا صرنا بلا شمال؟ 

 

ربما كان الفاعل المركزي في حماس الجنوبي للانتقالي هو تيقنه أن احتمال هزبمة الحوثيين صار بعيد المنال، وأن فكرة اليمن الاتحادي سيطول انتظارها. لذا فهو يريد أن ينجز لنفسه دولة بكيفما اتفق. 

 

لاحظ أنك تحتشد خلف هادي ومحسن، ثم تسهر في انتظار النصر. قبل أعوام كتبت في مديح الجنرال محسن، وبررت ذلك قائما: لأنه انهزم، وأنا لا أكتب عن المنتصرين. إلى  أن تبين لي بعد ذلك أن الرجل هندسته الطبيعة بحيث يكون صالحا لكل أشكال الهزيمة. ينظرون إليه كشيخ يملك الكثير من المال غير الشريف. ياللتفاهة! العالم مليء بالأموال غير الشريفة. إن معضلة الرجل تكمن في أنه يذهب في كل مرة إلى مكان ما ويعود إلى ديارنا بالهزائم والعويل. لاحظ إن الإصلاح لا يمانع في أن يكون أبطاله غارقين في المياة الوحلة والمال غير الشريف. في الواقع ينأى الإصلاح بنفسه عن الاختيارات الأخلاقية، فهي مسألة ليست ذا بال. تقول مقاربة دينية إن العبادة قطاع منفصل عن الأخلاق، والأخرى عدلت لتعني الحشمة الجسدية واللفظية. 

 

منذ سقوط عدن لم يفعل الجيش شيئا. فالجمهورية اليمنية قطاع منفصل. متى عادت قواتنا المسلحة بانتصار؟ يرسو اليمن على بركة من المياه القذرة، وقد شربوا منها جميعا، ومن اغترف غرفة بيده. 

 

إذا كسب المقاومون المعركة في شبوة فسيحدث ذلك لأن معجزة أرادت أن تعبر عن نفسها. ولكن هل يعلم هادي ما الذي يجري هناك؟

 

لنكن مستعدين للحقائق المرة، ونحن جيل صارت الهزيمة جزءا من تكوينه النفسي. الحقيقة أننا أيضا لن نتعلم من الهزائم، فهي لغزارتها كفت عن طرح الدروس. انظروا إلى تعز، ستدركون ما تفعله هذه الأمة المريضة بجسدها. 

 

يبسط المجلس الانتقاراتي يده رويدا على أرض الجنوب. ما سيعني أن "اتفاق طائف" يمني لا بد وأن يرى النور. أما أسوأ الأشياء الممكنة فهي أن يكون الانتقالي أصغر من النصر وأكبر من الهزيمة ويعلق في منتصف الطريق. الأمر الذي سيعني أن الحوثي هو الوارث الشرعي للدولة اليمنية، لسيادتها وبشرها وجغرافيتها.

نقلا عن صفحة الكاتب

 

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص