إلى فرسان الكلمة في صنعاء

تابعت منشورات زملاء الحرف في صنعاء عبدالولي المذابي ونبيل الصوفي وآخرين، تلك الغاضبة من تلويح وزير إعلام الانقلاب بقمع من تبقى من الأقلام الحرة في صنعاء، وكذا ما كتبه محمود ياسين مخاطبا نبيل الصوفي.. وأكبرت في الجميع هذه الروح التي تأبى التكميم وترفض القمع. 

لم يعد يعنيني على الإطلاق اختلافي مع بعض هؤلاء الزملاء في تقييمهم للمقدمات التي أوقعت الجميع في فخ الكهنوت الإمامي المسلح، أو توزيع نسب المسؤولية فيما آلت إليه الأمور، وكذا موقفهم من الشرعية والتحالف، ذلك أن المهم برأيي هو أنهم الآن، الصوت النابض والرافض داخل مخزن السلاح المؤدلج. يقرأون الخطر من داخله وينامون بمعيته. جلودهم تحسّ ونفوسهم تأبى. ويوما عن يوم تتفاقم "اللاءات" في أرواحهم ويصبحون أكثر استعصاءً على مداهنة الزيف المبهرر. ولهم أقول: بيّض الله وجهكم وسدّد رميكم وحماكم من كل مكروه.

خذوا حذركم، لكن لا تكسروا أقلامكم لأنها "الناموس" المتبقي لهذه البلاد.. خذوا حذركم وحاولوا ألا تتقوا شر العصابة بلمز من يشاطركم الحلم والألم. لا ترددوا اسطوانة الانقلاب عن العدوان وما عدوان.. ليس عدوانا.. انه انتفاضة الإحساس المشترك بالخطر الذي تتواطأ معه قوى دولية تدّعي خلاف ما تفعل.

ولعل التحالف العربي الذي يصرون على وسمه بالعدوان، ألحق بنا الضرر في جوانب عديدة ليس أقلها أنه منح الحوثيين صكاً زائفاً بالوطنية والدفاع عن الحدود، وأعطاهم مبرراً لأحكام الطوارئ والنهب المنظم وتفويج قوافل الموت من أبناء هذا الشعب. وصحيح أن أخطاء وخطايا ارتكبت جراء هذه النجدة لكنها في أغلبها، أخطاء يمنية محضة. وبالأحرى، هكذا هي الحرب للأسف، منذ متى كان هناك حرب رحيمة، ومنذ متى كان هناك حرب بلا ضحايا ولا دمار، ولأنها كذلك، فقد حاول العديد منا بكل الوسائل التحذير من الانزلاق إليها، لكن كثيرين لم توقظهم من منامهم أصواتنا ولم يفيقوا سوى على وقع أعقاب البنادق. واليوم لا عزاء لسابق ولا ملام للاحِق.

وأيّاً يكن، سيتوقف التحالف يوماً، باتفاقٍ أو بنصرٍ، لكن معركتنا مع قوى الاستعباد والكهنوت لن تتوقف، فهي أفعى شريرة لا ينقصها الطموح بل تتحيّن الفرص، وتصعد على أخطائنا لتغدو من ثم، الدافع الأبرز والأعنف الذي يعيدنا إلى بعضنا. ألف عام وهم طاعون هذا البلد المغدور وآفته المستدامة.

رفاق الكلمة.. لا تظنوا أن أحداً في مناطق الشرعية أو عواصم المهجر لا يشعر بآلامكم، أو أنه يشعر بالأمان وهو خارج نطاق بندقية الحوثي أو قذائف التحالف. الجسد اليمني المبعثر في الداخل والخارج يعيش ذات الأرق وذات الألم وذات الحلم.. ورغم أن قِلّةً لايزال يخونهم التعبير إلا أن الوقت الذي مر منذ بداية الكابوس وحتى الآن، يكفى لأن يتفقد اليمني أخاه الذي اختلف معه يوما على السياسات والولاءات واجتمع معه اليوم ضد الخطر الأعم. مضمراً في نفسه القول: "كلنا أخطأ وكلنا دفع الثمن مضاعفاً، وإلى هنا وحُذّارة".

رفاق الكلمة.. زملاؤكم يمدّون إليكم أيديهم ويبسطون لكم أرواحهم، ويعتبرونكم فرسان المرحلة. لقد نضجت دروس القهر وآن لنا أن نبدأ طورا مختلفاً من الكفاح الحقيقي في معركة الدولة والكرامة، وبمجرد أن نبدأ، سيوقن الكهنوت أننا تجاوزنا أكبر نقاط ضعفنا وأن "رهيمنا سيل"، وحينها سيتطاير كالعهن، ويتبخر كالسراب، وينزاح كالأشباح. سيقتله غرور القوة، وتنجينا سجية التغافر واستماتة من لم يعد أمامه أي خيار سوى الاستماتة.

التفتوا لقولي، أو استمروا كما أنتم، المهم أنكم تستحقّون التحية.

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص