اليمن والتحالف يدخلان مرحلة الاختبار الصعب

انتهت مشاورات الكويت، دون أن يستطيع المبعوث الأممي جمع طرفي المشاورات في اجتماعٍ ولو شكليا، كان يُفترض أن يُخصَّص لإنجاز مخرج أنيق لهذه المشاورات، بعد أن امتنع الانقلابيون عن التوقيع على اتفاق الكويت المقترح من جانب الأمم المتحدة والمدعوم من الرعاة الدوليين.

أنهى المبعوث الأممي هذه المشاورات بمؤتمر صحفي، كان هو بطله الوحيد، حيث واصل استعراض جمله المطاطة ومفرداته الغامضة وادعاءاته المقززة؛ عن "الأرضية الصلبة" للتفاهم التي بناها طرفا المشاورات.

قال: "سنودع الكويت لكن المشاورات مستمرة"، ووعد باستئنافها بعد شهر، دون أن يحدد المكان الذي سيجرى فيه استئناف هذه المشاورات.. وقال أيضا إن طرفي المشاورات التزما بعقد جولة قادمة من هذه المشاورات.

تُصر الأمم المتحدة على إبقاء سيف الحل السلمي مسلطاً على رقاب اليمنيين الذين يتقدمون صوب صنعاء، بهدف إنهاء التمرد واستعادة الدولة ووضع الأطراف اليمنية على قاعدة صلبة من الشراكة السياسية؛ التي تضمن حضورَ اليمنيين جميعاً في عملية سياسية، دون أن تعني أن هذا الحضور يفترض وجود أطراف موتورة كالمخلوع صالح، أو مشاريع سياسية خطيرة كالتي يحملها الحوثيون المرتبطون ببلد طائفي وموتور مثل إيران.

يوجد في جعبة الأمم المتحدة قرارٌ واجبُ التنفيذ، هو القرار 2216، ويوجد نصٌ جاهزٌ لاتفاق سلام كان يفترض أن يحمل اسم "اتفاق الكويت"، وبوسع الأمم المتحدة أن تُبقي الانقلابيين محاصرين بقرار مجلس الأمن، وبمشروع الاتفاق الذي صاغته هي، رغم أن هذا الاتفاق لا يزال يمثل طوق نجاة لهؤلاء الانقلابيين.

يبدو المخلوع صالح ومليشيات الحوثي غيرَ معنيين بكل ما يجري، فقد أعلنوا أمس السبت قائمة أعضاء المجلس السياسي، الواجهة الجديدة للانقلاب، إلا أن ذلك لا يحول دون إمكانية هروبهما إلى السلام إذا قرر التحالف مدعوماً بالجيش الوطني والمقاومة التوجه نحو صنعاء واستعادتها.

لا تستطيع أية جولة مشاورات أن تُنجز السلام، إلا إذا ذهب إليها المخلوع صالح وقد فقد كلَّ أملٍ له بإحراز تفوق عسكري، أو التمسك بالقدرة على البقاء في وجه الآلة العسكرية للتحالف العربي.

منذ فجر الأحد اندلعت مواجهات عسكرية شاملة، يقول الجيش الوطني إنها عملية عسكرية واسعة ينفذها الجيش لوقف الخروقات المستمرة للانقلابيين، وتحمل اسم "التحرير موعدنا".

لا أشُك لحظةً واحدةً في أن هذه العملية العسكرية لا تخلو من احتمالين، الاحتمال الأول: ممارسة أكبر ضغط عسكري على الانقلابيين يدفعهم للذهاب إلى اتفاق سلام قد يتم توقيعه في الرياض، وهذا السيناريو ربما يلقى تأييداً من الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الراعية لعملية السلام في اليمن..

أو أن التحالف قرر أن يُنجز مهمته في اليمن دون مواربة، وهي مهمة تحتمل الكثير من المخاطر الآنية، لكنها لا شك ستوفر حلاً جذرياً للتحدي الناشئ عن إسقاط السلطة الشرعية في صنعاء؛ لحساب قوى متطرفة وتعمل لصالح المشروع الإيراني.

وتبقى هناك شكوك بشأن وحدة التحالف حيال هدف جذري كهذا، ما لم تحمل الرياض على كاهلها عبء العملية العسكرية الشاملة لاستعادة صنعاء، لكونها الدولة المستهدفة من التحديات الاستراتيجية الناشئة في اليمن.

يأتي ذلك في ظل مؤشرات قوية على استمرار الإمارات، القوة الثانية في التحالف العربي، بتبني وجهة النظر الخاطئة نفسها، التي تُنصِّبُ أطرافاً أساسية في المقاومة أعداء يتعين تصفيتهم بأي طريقة ممكنة، حتى ولو عبر عمليات القصف الخطأ التي كادت أن تودي بأهم قيادات الجيش الوطني والمقاومة في محافظة الجوف بشمال اليمن قبل يومين.

التطورات العسكرية في شرق العاصمة تؤشر إلى أن الحكومة والتحالف -متضامناً أو بمن أبقى على التزامه من دول هذا الحلف - ذاهبان إلى الخيار التالي الذي جرى تجميده تحت ضغط القوى الغربية، وهو خيار الحرب.

الانتصارات التي يحرزها الجيش والمقاومة والتحالف في شرق العاصمة صنعاء تتوالى، ومعنويات المليشيات منخفضة، خصوصاً وأن دروس الحرب التي عاشتها من عدن وحتى مأرب، كانت قاسية، وتعلمت منها أن الصمود وحتى التضحية لا يكفيان لصد هجمات الجيش الوطني والمقاومة اللذين يقاتلان من أجل استعادة الحرية والدولة، ويستفيدان كثيراً من القوة النارية الهائلة والتغطية الجوية المرجحة التي يوفرها التحالف العربي.

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص