حينها يكون الحوثي أبرز الخاسرين..!

لا أحد يستطع إنكار أن تحالف صالح والحوثي هو الذي تسبب في الحرب الكارثية التي تدور في اليمن منذ حوالي عام.. ولا يستطيع أحد إنكار أن الطرف الذي يمثل الشرعية تحاشى خوض الحرب والمواجهة حتى عندما كان يلام كثيرا على ذلك، وخصوصا عندما كانت المليشيا الحوثية تتقدم صوب صنعاء عبر دماج وعمران حتى اجتاحت عاصمة البلاد..
الذي يستطيع الان تجنيب اليمن مزيدا من الدمار والتمزق هو الغازي القادم من أقصى الشمال، عبد الملك الحوثي لا سواه.. ربما حتى علي عبد الله صالح، خلافا لما يظهر من تبجح وظهور إعلامي استعراضي يخفي ويعوّض أهمية متلاشية، لا يستطيع أن يقدم أو يؤخر كثيرا في شان الحرب والسلم مثلما عليه حال الحوثي..أما الطرف المقاوم فليس أمامه سوى خيارين لا ثالث لهما، إما الإنصياع والإستسلام لمشيئة الحوثي وسيطرته وسلطته وهذا أمر يصعب تصوره أو قبوله، أو استمرار المقاومة والقتال حتى النهاية، وهذا قدر مؤلم، لكنه قد يبدو ظروري .. و للأسف يبدو الحوثي كمن لا يعرف سوى لغة الحرب والقتال لتحقيق غاياته ، وهذا هو مسلكه خلال أكثر من أثنى عشر عاما..
قبل عام 2011 كان الحوثيون يحرصون على الظهور بمظهر الضحية المستضعف المظلوم ، ثم تغير الأمر بعد ذلك ليظهروا في دور المارد المتنمر الغشوم ..ولا يزال الناس يذكرون أصبع عبد الملك الحوثي وهي تشير في تحدٍّ لكل من يقف في طريقه.. وهم يحاصرون عمران، تساءلت هل تعبر الحوثية عن مظلومية أم ظالمية..؟ وكنت أعلم وغيري يعلم أيضا، إستنادا إلى التاريخ الذي نعرفه والعقيدة الحوثية التي لا نجهلها ، بأن القصد هو الظالمية، بمعنى أن يكون الحوثي سيدا فوق الجميع بأي ثمن ..
منذ فترة صار يتحدث "السيد الحوثي" عن الشعب اليمني العزيز، لكنه لم يفعل أي شيء في أي وقت، في سبيل سلامة ذلك الشعب والوطن العزيز حقاً.. كلما يفعله الحوثي منذ نشوء حركته هو أنه لا يبالي بمن يحيى أو يموت من أبناء الشعب بما في ذلك أقرب الناس إليه والمحسوبين عليه.. ومنذ نشوء الحركة الحوثية وهي تكرس فكرة بأن ليس هناك غير الحرب والقتال لتحقيق المآرب والغايات والأهداف..
لكن السؤال الكبير الآن ، هل يرى الحوثيون أن ما يحدث في البلد قد حقق أو يحقق غاياتهم وأهدافهم الشخصية و"الوطنية" التي سعوا إليها من أول يوم..؟
كلما تمادى الحوثيون في الاستمرار في القتال سيتحتم إنخراط فئات وجهات جديدة في الحرب، ستتقوى وتتعزز يوما إثر يوم وستكون هزيمة الحركة الحوثية في النهاية مرجحة إن لم تكن حتمية، لكن ربما يكون ذلك بثمن باهض تدفعه البلد وأهلها.. أقول هذا لأن الحركة الحوثية تعبر عن أقلية، لكنها مستقوية الان بالسلاح الذي لن يبقى حكرا عليها، وهو لم يعد كذلك، وهي مستقوية أيضا بعقيدة دينية ضالة وقد يتفاقم الأمر لتواجه من هو أقوى وأعتى منها وربما أكثر ضلالا..!
وخلافا لأولئك الذين يتحدثون عن "حرب حسينية" وحرب عبر الأجيال أو حرب حتى قيام الساعة كما سبق للحوثي عبد الملك أن صرح من قبل، فهناك "عقلاء" نعرفهم تحالفوا مع الحوثي لأسباب عصبية أو بدافع أطماع غير مشروعة في سلطة وثروة، لكن قد يعول عليهم أكثر من العقائديين في إدراك مآلات الأحداث وتطورات الأمور كلما طال أمد الحرب..
يلزم الحوثيون أن يدرك أكثر من أي وقت مضى بأن تطور الأحداث والزمن ليس في صالحهم، وندرك نحن أن أطالة أمد الحرب ليس في صالح البلد الذي صار الحوثي يتغنى به كثيرا ، لكن هل يمكن للحوثي أن يكون على قدر معقول من المسؤلية، ولو مرة واحدة، ويجنح للسلم حقاً في أقرب وقت ، ويقدم تنازلات حقيقية في سبيل السلام..ما لم فستكون النتيجة استمرار الحرب وسقوط مزيد من الضحايا، ومزيد من إنهاك وتمزيق ودمار بلد جعلته سياسات وأسلوب حكم صالح أفقر بلد عربي..
ستخسر البلد أكثر وأكثر لكن الحوثي سيكون أبرز الخاسرين في النهاية إذا طال أمد الحرب ..

نسعد بمشاركتك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص